
أفتتح الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية والدكتور يوسف زيدان مدير مركز ومتحف المخطوطات بالمكتبة، المؤتمر السنوي الرابع للمخطوطات اليوم بمكتبة الاسكندرية تحت عنوان ” المخطوطات المترجمــة” ويستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام .
ويناقش المؤتمر دور حركة الترجمة في حماية التراث والمخطوطات المترجمة من اللغات المختلفة إلي اللغة العربية، وذلك بمشاركة 50 باحثا من 30 دولة عربية وأجنبية.
وصرح الدكتور يوسف زيدان بأن فكرة المؤتمر جاءت امتداداً لمؤتمرات مركز المخطوطات الدولية الرامية إلى الكشف عن الجوانب المجهولة والمهجورة من التراث العربي الإسلامي، ويأتي انعقاد هذا المؤتمر على نسق ما سبقه من مؤتمرات: المخطوطات الألفية 2004، المخطوطات الموقعة 2005، المخطوطات الشارحة 2006 .. هادفا إلى الكشف عن جانبٍ مهم من تراثنا العربي المخطوط، وعلى وجه الخصوص علاقته بما سبقه، وتلاه من تراث الأمم.
واشار الدكتور زيدان إلي أن الترجمة لم تكن السبيل الوحيد للتفاعل بين الحضارات، فهناك أيضاً سبل التجارة التي يحتل فيها طريق الحرير مكانة خاصة، وهناك انتشارُ الديانات والمذاهب الروحية التي اتخذت سبلا تثير الدهشة، وهناك الحروب والمعارك التي خاضتها الجماعات الإنسانية أملا في الثروة والمجد المراوغ. وإذا أمعنا النظر، فسوف نجد تسانديةً وتفاعلا داخلياً بين هذه السبل جميعها، فالتجارة الدولية والاتجاهات الدينية والحروب الدامية والترجمات المتوالية بين اللغات المتماسة حضارياً، هي كلها عناصر حضارية، ترتبط على نحو قد يظهر جلياً، وقد لا يبدو للعيان مع النظرة الأولى .
واضاف أن الترجمة تظل أحد أهم العوامل التي أَثْرت تاريخ الإنسانية وأَثرت فيه، سلبا وإيجابا! فعن طريق التراجمة استمرت اليهودية والمسيحية، وانتقل التراث اليوناني إلى السريان ثم إلى العرب، ومن ثم إلى اللاتينية واللغات الأوروبية المعاصرة. ومع غياب الترجمة، انطمس تراث هائل دونته الأمم بعدة لغات اندثرت مع أهلها: المصرية القديمة، الحبشية، البهلوية، الآرامية ، وغيرها من لغات الأقوام الذين غابوا في التاريخ قبل قرون خلت، أو بقوا في الزمان على هامش التحضر الانسانى.
واكد زيدان أن الترجمة كانت دوما وستظل معيار بقاء وعامل إِثراء لحضارة الإنسان. ومن هنا قد جاءت فكرة هذا المؤتمر داعيةً إلى العكوف المتأني على قضية الترجمة فى عمومها وتفصيلاتها، لاستكشاف ما يتعلق بهذه القضية الحضارية الكبرى.
والقي الدكتور زيدان خلال الجلسة الافتتاحية، محاضرة عن مفهوم المخطوطة المترجمة، مشيرا إلي الدور الذي لعبته الترجمة في عمليات التفاعل بين الحضارات الإنسانية، كمعبر رئيسي لاقتباس اللاحق من السابق، وتفعيل التلاقح الحضاري بين الثقافات التي تعاصرت أو تتابعت فعن طريق ترجمة النصوص -التي كانت مخطوطة، بالطبع، في الأزمنة القديمة- عرف العرب المسلمون الذخيرة الحضارية للأمم الأسبق تحضرا ، وعلى وجه الخصوص اليونان التي انطوى تراثها على أصول كثيرة من مصر القديمة وحضارات الشرق.
واعقب المحاضرة الافتتاحية، افتتاح معرض المخطوطات المترجمة بقاعة المؤتمرات حيث يلقي المؤتمر الضوء على تلك الوصلات الخفية بين العوامل التي أدت إلى نشاط الترجمة التراثية في ازمنة معينة.