اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

استثمار الحروب سياحياً بقلم . ماجد التميمي

 بقلم : ماجد التميمي

 

مدير تحرير مجلة السياحة

 

 

يبرز الإصرار والتحدي ، كعاملين مهمين ، في تجاوز محن الحروب ، حتى في ظل اشتداد رحاها وخروجها عن أطوارها الأخلاقية، على الرغم من أن الجميع يطمح، وبشكل دائم، ليس بعالم خال من القتل فحسب بل بعالم لا يقبل التبرير للقتل مطلقاً، أياً كان نوعه ومبرراته كما أشار الروائي الشهير ألبير كامو.

 

 

منذ ثلاثين عاما ونيف استيقظ العالم على هول واحدة من أسوء الكوارث التي عرفها العالم، تسبب بها انفجار مفاعل تشرنوبل النووي في أوكرانيا، وبالنظر إلى موقع هذه الدولة جغرافياً، إلا أن العالم أجمع كان مذهولا ومصدوما لأسباب تتعلق، بالحجم الكارثي الذي تخلفه الإشعاعات النووية على المستقبل البشري، وبعد مضي ثلاثة عقود على تلك الحادثة يرى البعض أن إرث انصهار هذا المفاعل قد تحول من نقمة إلى نعمة، وأن الكثير من السياح غادروا أوطانهم ، نحو أوكرانيا، رغبة في رؤية ذلك الدمار الهائل الذي نشر الذعر، وأفضى بالمنطقة برمتها لتتحول إلى منطقة خالية من كل عناصر الحياة.

 

 

ومن هنا برز ما يسمى بــ” السياحة النووية ” التي حاولت أوكرانيا توظيفها سياحيا واقتصاديا، وهو ما تحقق لها مؤخرا، رغم أن الدخول إلى المناطق الخطرة يتطلب إجراءات وقائية مشددة، وإلا فإن التعرض لجرعة تفوق 8 سيفرت فقط من الإشعاع النووي كفيل بصرعك في الحال.

 

 

وكذلك الحال بالنسبة لهيروشيما اليابان، حيث شهدت هذه المدينة، في العقود الأخيرة، إقبالا غير مسبوق للسياح الأجانب، وخاصة الأمريكان أنفسهم، فالمدينة تحكي قصة تاريخية مأساوية هي الأكثر بشاعة ووضاعة في التاريخ الحديث، ولهذا فإنها تثير فضول الكثير لزيارتها، مما شكلت نقطة جذب سياحي تفنن اليابانيون في استغلالها لصالح الشأن الاقتصادي.

 

 

في اليمن، وفيما تشهده من حرب عدوانية جائرة، يبدو المشهد مماثلا، من حيث حجم الخراب والدمار الذي طال معالمه الأثرية والتاريخية السياحية، ولم يعد بمقدور أي كان، إعادتها إلى صورتها الأولى التي تشكلت منذ قرون بائدة، ناهيك عن المكانة الحضارية والآثارية التي انطلق منها التاريخ  حاكيا ومدونا خلال سياق زمني مهول.

 

 

يضعنا هذا الأمر، ضمن خيارات التحدي والإصرار اللذين يجب أن يكونا سمة المرحلة القادمة، بحيث لا يأفل نجم السياحة في اليمن، كعادته، وتظل هناك فرصا أكبر لاستثمار هذا الخراب الشنيع الذي تسببت به دولة الرمال المتحركة، ضمن نموذج حديث ومقبول من السياحة يطلق عليه ” سياحة الحروب ” لتتكشف  فيما بعد سوءة مرتكبي هذا الدمار، ويكتب التاريخ، بتفاصيله المتشعبة، نجاحات بلد كان وما يزال مهد البشرية الأول.

 

 

ولطالما راودني يقين أن البلد الذي احتضن حضارة سبأ، سيصنع معجزات سياحية، وإن كان ذلك فوق بقايا ركام وأطلال.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled