المسلة السياحية
افتتح صباح اليوم الإثنين كبار صناع الطائرات في العالم معرض لوبورجيه للطيران في النسخة الثالثة والخمسين من معرض الطيران الدولي بضاحية لوبورجيه الباريسية، وسط حروب تجارية وانتكاسات لبعض شركات الطيران العملاقة وتزايد المخاوف المتعلقة بالسلامة الجوية. ويستمر المعرض حتى 23 من الشهر الجاري.
افتتح في الضاحية الشمالية للعاصمة الفرنسية باريس معرض لوبورجيه للطيران الذي تشارك فيه كبرى شركات التصنيع العالمية، وتغيب هذا العام الأجواء الاحتفالية عن المعرض في ظل تزايد المخاوف من الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وكذا تنامي التوترات الإقليمية خاصة في منطقة الخليج العربي.
والحدث فرصة لقياس نبض صناعة الطائرات التجارية في العالم البالغ حجمها 150 مليار دولار سنويا، والتي يعتقد محللون كثيرون إنها بصدد مرحلة من التباطؤ نظرا لشتى الضغوط العالمية، من توترات التجارة إلى ضعف النمو الاقتصادي.
موفدة فرانس24 شادن اللقيس من لوبورجيه
ويتطلع صانع الطائرات الأمريكي بوينغ، الذي يعاني من تداعيات وقف تشغيل طائرته 737 ماكس بعد حادثي تحطم، إلى طمأنة الزبائن والموردين بشأن مستقبل الطائرة، وتهدئة الانتقادات بخصوص تعامله مع الأزمة المستمرة منذ شهور طويلة. وأثار وقف تشغيل أحدث نسخة من الطائرة الأكثر مبيعا في العالم قلق الموردين، بل وأزعج شركة صناعة الطائرات الأوروبية المنافسة إيرباص، التي أحجمت هذه عن الاستفزاز المعتاد لبوينغ في ظل انشغالها هي نفسها بتحقيقات فساد.
ويتخوف المسؤولون التنفيذيون بقطاع صناعة الطائرات على ضفتي الأطلسي من تداعيات الأزمة على الثقة العامة في النقل الجوي ومخاطر رد فعل سلبي قد يدق إسفينا بين مختلف الهيئات التنظيمية ويقوض منظومة اعتماد الطائرات.
وتضررت أرباح شركات الطيران التي تهافتت على شراء الطائرة ماكس طويلة المدى والأوفر في استهلاك الوقود بعدما اضطرت لإلغاء آلاف الرحلات في أعقاب وقف تشغيل الطائرة على مستوى العالم في مارس/آذار. وقال محللون إنه حتى الإطلاق المزمع لنسخة أطول مدى من عائلة إيرباص الناجحة “إيه 320 نيو”، وهي الطائرة “إيه 321 إكس إل آر”، لن ينجح على الأرجح في تبديد الضبابية التي تكتنف القطاع.
وقال ريتشارد أبو العافية محلل صناعة الطيران في مجموعة تيل “أزمة بوينغ ماكس ليست الغمامة السوداء الأشد شؤما، لأنه يمكن حلها، لكن أرقام حركة السفر تبعث على القلق بصدق. “في مارس/آذار وأبريل/نيسان ثمة مؤشرات تنبئ بالقادم. أمام أعيننا يواجه القطاع مشاكل أوسع نطاقا على صعيد الطلب والسعة.” وأضاف “صافي الطلبيات قد يكون الأدنى في سنوات.”
ويرفض آخرون مخاوف التباطؤ، مشيرين إلى نمو الطبقة الوسطى في آسيا وحاجة الناقلات إلى شراء طائرات جديدة للوفاء بالمعايير البيئية. وتدرس إيرباص وبوينغ خطوات لتحسين كفاءة طائراتهما في استهلاك الوقود وخفض بصمتهما الكربونية وسط حركة احتجاجية متنامية للدفاع عن البيئة في أوروبا.
وقال جون بلوجير، الرئيس التنفيذي لشركة إير ليس “الحل الوحيد لدى الصناعة هو الطائرات الأحدث والأوفر في استهلاك الوقود.. ولذا فإن دورة الإحلال تلك ستستمر.” وتابع “نتحدث مع العديد من شركات الطيران التي مازالت ترغب في مزيد من الطائرات، وحقيقة الأمر أن تلك النقاشات لم تشهد أي تراجع.”
انخفاض حاد في الطلبيات
وأرجأت بوينغ قرارات رئيسية لإطلاق طائرة جديدة محتملة، الطراز إن إم إيه متوسط الحجم، لتركز كامل اهتمامها على “737 ماكس” ومشكلات اللحظات الأخيرة المتعلقة بمحرك الطائرة الجديدة “777 إكس”، حسبما قالت مصادر في القطاع.
لكنها قد تكشف عن عدد من الصفقات لطائرات عريضة البدن وهي الفئة التي تتفوق فيها على إيرباص، بما في ذلك صفقة لشركة الخطوط الجوية الكورية تتضمن ما لا يقل عن عشر طائرات 787.
ويتوقع روبرت ستالارد من “فيرتيكال ريسيرش بارتنرز” طلبيات لشراء نحو 800 طائرة في معرض باريس، مقارنة بطلبيات وتعهدات لشراء 959 طائرة في معرض فارنبورو الجوي العام الماضي. ويتوقع بعض المحللين أن يكون الإجمالي أقرب إلى 400.
ورغم التباطؤ، فإن طفرة دامت سنوات عديدة في طلبيات الطائرات مازالت تولد أعمالا للموردين مثل صناع المحركات. ومن المنتظر أن تعلن “سي إف إم إنترناشونال” الفرنسية الأمريكية عن طلبية قياسية من حيث عدد الوحدات لأكثر من 600 محرك من إندي جو الهندية.
ولا يقتصر المعرض المقام بين 17 و23 يونيو/حزيران على صفقات الطائرات، حيث يستقطب أيضا العديد من مشتري الأسلحة في العالم الذين يأتون لمتابعة أحدث التطورات في معدات القتال، من الصواريخ المضادة للطائرات إلى قدرات الحرب الإلكترونية المرغوبة بشدة. وستكشف فرنسا وألمانيا عن نموذج بالحجم الحقيقي لمقاتلة مقترحة جديدة وتوقعان اتفاقا إطاريا للمضي قدما في مشروعها الذي يشمل طائرات مسيرة.
وسيبحث مسؤولو القطاع أيضا المزايا والتداعيات المحتملة للاندماج المقترح بين يونايتد تكنولوجيز وشركة رايثيون للصناعات العسكرية والبالغة قيمته 121 مليار دولار. وقد تحدث الصفقة، المتوقع إغلاقها في النصف الأول من 2020، انقلابا في صناعة الطائرات، بإقامتها مجموعة تشمل أعمالها للنقل الجوي التجاري والتوريدات العسكرية، ما سيضغط على عدة موردين رئيسيين مثل هانيويل وجنرال إلكتريك.
توترات الخليج العربي
تتابع وفود المعرض الجوي الأزمة الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج، حيث تلقي واشنطن باللوم على طهران في هجمات على ناقلتي نفط بممر حيوي للشحن البحري أثارت المخاوف من مواجهة أوسع نطاقا في المنطقة.
وفي نزاع سياسي آخر له تداعياته على شركات السلاح المشاركة في المعرض، هددت الولايات المتحدة بإلغاء مشاركة تركيا في برنامج المقاتلة “إف-35” التي تصنعها “لوكهيد مارتن” بسبب شراء أنقرة منظومة رادار روسية.
وسيلقى المعرض أيضا اهتمام الصين، التي تتنامى طموحاتها الجوية في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية بين واشنطن وبكين قبيل اجتماع محتمل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ هذا الشهر.
المصدر : فرانس24/رويترز