اليونان يشهد انتعاش فى قطاع السياحة
أثينا "المسلة" ….. بالرغم من أن مؤشرات البورصة لا زالت تعكس قلقا كبيرا إزاء مستقبل الاقتصاد في اليونان، إلا أن البلد الهليني الذي عصفت به الأزمة المالية العالمية لأكثر من سبع سنوات، وكان الأكثر تضررا من تبعاتها بين دول الاتحاد الأوروبي، لا يزال من الممكن لبعض القطاعات به أن تحمل أنباء سارة وفي مقدمتها بطبيعة الحال: قطاع السياحة.
ويعتبر هذا القطاع من الركائز الأساسية وأحد أهم محركات الاقتصاد اليوناني. ويشهد القطاع تعافيا ملحوظا، حيث تشير التوقعات إلى أنه من المنتظر بحلول عام 2015 أن يحقق اليونان رقما قياسيا جديدا يقدر بنحو 20 مليون سائحا.
في هذا السياق يؤكد رئيس اتحاد أصحاب شركات السياحة اليونانية اندرياس اندريدس أن "يمثل قطاع السياحة ما يقرب من 20% من إجمالي الناتج المحلي". أما خبير القطاع الفندقي بجزيرة نفليون (Nafplion) متريس سكاديليس، فيوضح أنه "بالرغم من أننا على أعتاب فصل الشتاء بالفعل، إلا أنني كلما نظرت حولي أشعر وكأننا لا نزال في ذروة الموسم"، مشيرا إلى أن فنادق الجزيرة محجوزة بالكامل حتى أواخر تشرين ثان/ نوفمبر الجاري.
وتشهد اليونان تنوعا كبير في أنماط الزائرين القادمين إليها هذا الموسم، فمن نجوم هوليوود، لمشاهير كرة القدم، أثرياء أوروبا الشرقية الجدد إضافة إلى أثرياء شرق البحر المتوسط ودول الخليج الفارين من عدم الاستقرار والتوترات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، بحثا عن الاستجمام والحياة السعيدة المبهجة على شواطئ بحر إيجة وبين ربوع جزر سانتوريني وميكونوس.
أدى هذا الوضع الجديد بطبيعة الحال، لارتفاع ملحوظ في الأسعار، حيث وصل سعر الغرفة في فندق يطل على البحر في بعض الأحيان إلى 3000 يورو (3800 دولار) في الليلة. على العكس من ذلك، كان بمقدور السائح العادي العثور في بعض الجزر الأصغر والأقل شهرة، كما في العاصمة أثينا على حجرات تتراوح أسعارها بين 30 وأربعين يورو في الليلة.بحسب العرب
بدوره يؤكد خريستوس بيلاتاكيس، مدير أحد الفنادق بجزيرة رودس أن "الزبون ملك". يدرك بيلاتاكيس بفضل خبرته الطويلة في هذا المجال والتي تمتد لأكثر من 40 عاما معنى أن يكون هناك زبون واحد غير راض عن مستوى الخدمة، موضحا "بكل بساطة، يعود إلى بلده وينشر الدعاية السيئة بين العشرات وهكذا الكثير من الزبائن المحتملين بسبب تعليق سلبي".
يذكر أنه في الماضي، أصابت الكثير من الفنادق والحانات العديد من الزبائن بالإحباط، سواء بفرض أسعار مرتفعة مقابل خدمات غير مرضية، لكن الموقف تغير الآن، حسبما يؤكد بيلاتاكيس "لدينا الآن أسعار جيدة وخدمات ممتازة، بالإضافة إلى حسن الاستقبال المعهود في الشعب اليوناني. أخذا في الاعتبار أن المشاكل والاضطرابات التي تعيشها مناطق شمال أفريقيا والشرق الأوسط، جعلت السياح يتوجهون إلينا. أصبحت اليونان وجهة سياحية إجبارية، لدى الكثير من راغبي السفر والسياحة".
بفضل الوضع الجديد والانتعاشة التي شهدها قطاع السياحة، وجد الكثير من الشبان اليونانيين الذين تأثروا بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عصفت بالبلاد، عملا لائقا، خلال الصيف الحالي، بالرغم من أنه كان عملا مؤقتا خلال موسم قصير.
بالرغم من ذلك، ليست كل المؤشرات إيجابية، فاتحاد نقابات العاملين بقطاع السياحة، يشكو من تأخير بعض الفنادق دفع رواتب العاملين، وهناك فنادق لا تريد تسجيل العاملين لديها إلى نهاية الموسم، أواخر نوفمبر، تفاديا لدفع الضرائب، إلا أن اتحاد أصحاب شركات السياحة ورجال الأعمال بالقطاع، يؤكدون أن هذه مجرد حالات فردية وليست السمة الغالبة.
بحلول عام 2015 سيكون قطاع السياحة اليوناني قد حقق رقما قياسيا جديدا، بالرغم من ذلك يخشى المستثمرون من تغيير السلطة في أثينا: تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الحزب اليساري الراديكالي سيريزا (Syriza) حقق تقدما ملحوظا على الإئتلاف الحاكم الذي يقوده رئيس الوزراء أنطونيس ساماراس، ومن ثم سيكون بوسع الحزب الراديكالي أن يلعب دورا حيويا في السباق الانتخابي الرئاسي المقرر في شباط/ فبراير المقبل، وبناء عليه سيكون بوسعه الضغط على البرلمان لكي يدعو لانتخابات برلمانية جديدة.
ويعرب الكثير من رجال الأعمال ومن بينهم اندرياس اندريدس عن قلقهم البالغ حيال هذا الوضع مؤكدين أن "ما نريده في الوقت الراهن هو الاستقرار السياسي، والذي سوف ينعكس بدوره على المزيد من الانتعاش الاقتصادي".