إضراب عام في تونس بعد اشتباكات بين اتحاد العمال وإسلاميين
راشد الغنوشي حذر قيادة الاتحاد العام للشغل واصفاً خطوتها بالخطأ التاريخي
تونس " المسلة " … تحولت المناوشات التي وقعت أمس الأربعاء إلى صدامات بين أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل وناشطين إسلاميين في شارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة تونس، وذلك أمام النزل الذي يحتضن اجتماعاً للقيادة النقابية. وعلمت "العربية.نت" من مصادر نقابية أن الاجتماع أقرّ مبدأ الإضراب العام في كامل البلاد في 13 ديسمبر/كانون الأول، وقد أعلنت ستة اتحادات عن دخولها اليوم الخميس في إضراب عام.
وتأتي الدعوة إلى الإضراب العام بعد حادثة تبادل العنف الشديد بين النقابيين والإسلاميين والتي خلفت 10 جرحى أمام المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة، بين نقابيين ومجموعة من الشباب المحتج على سياسة قيادة المنظمة الشغيلة المناوئة للحكومة. "النهضة" يحمّل الاتحاد المسؤوليةومن جهته أعلن راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي الحاكم، الأربعاء، خلال ندوة صحافية أن "الاتحاد سيرتكب خطأ تاريخياً يحاسب عليه إذا قرر الدخول في إضراب"، متسائلاً: "لماذا يقدم الاتحاد على الإضراب اليوم في حين لم يضرب طيلة 23 سنة من حكم بن علي".
كما وصف الإضراب بالعمل المضاد للثورة، معتبراً أنه "سيربك البلاد ويعاقب مئات الآلاف من المواطنين رغم أنهم ليسوا أطرافاً في الموضوع". وأضاف "حركة النهضة طالما حُرقت لها مقرات وتم الاعتداء على بعضها لكن لم تدعُ إلى إضراب عام"، مشيراً في ذات السياق إلى أنه "على الاتحاد أن يتجه نحو القضاء وإذا انعدمت ثقته به يمكن القيام بتحقيق مستقل".
وشدد الغنوشي على أن "حركة النهضة تتبرأ من أعمال العنف التي وقعت يوم الاثنين وتطالب بمحاسبة مقترفيها حتى لو كانوا ينتمون إلى الحركة"، واتهم "ميليشيات الاتحاد بأنها بادرت إلى العنف وهاجمت مجموعات قدمت لإحياء ذكرى اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد". وتحدث على ما حدث من تصادمات وأعمال عنف بين أنصاره والنقابيين، بلهجة اعتبرت تصعيدية وتستبطن "التهديد"، مثلما أكد ذلك زياد كريشان، رئيس تحرير يومية "المغرب"، في تصريح لـ"العربية.نت".
النقابيون يتوعدون "النهضة"وفي تصريح لـ"العربية.نت" قال الناطق الرسمي للمنظمة العمالية سامي الطاهري إن "من يقف وراء الاعتداءات هم من يسمون أنفسهم (برابطات حماية الثورة)، وهم من أنصار النهضة". وأضاف "نتهم مليشيات راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإسلامي بالاعتداء على النقابيين، في اليوم الذي كانوا يحيون فيه ذكرى وفاة الزعيم النقابي فرحات حشاد". وكانت قيادات نهضوية، قد اتهمت اتحاد الشغل بالوقوف وراء الحركة الاحتجاجية، التي عرفتها مؤخراً محافظة سليانة غرب تونس.
وفي تصريح لوسائل الإعلام، تكلم الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي بلهجة حادة وشديدة عما حصل أمام مقر المنظمة، ووصف "أنصار النهضة" بخفافيش الظلام". كما اعتبر العباسي "أن الحكومة تعتمد دائماً على ازدواجية الخطاب باعتبار أنها تنادي للحوار من جهة وتخطط على أرض الواقع لعكس ذلك".
وقال العباسي "إن الاتحاد هو قوة توازن، وسيبقى دائماً المدافع عن مشاغل العمال وحقوقهم"، ولا يستبعد أن يقرر الاتحاد إضرابا عاما في كامل محافظات تونس". نذر أزمة سياسيةوقال شهود عيان من أنصار "النهضة" إن "عصابات اتحاد الشغل وميليشياته ارتكبت جريمة كبرى في حق المواطنين المحتشدين في ساحة محمد علي، أمام مقر الاتحاد للمشاركة في مسيرة الذكرى 60 لاغتيال المناضل الشهيد فرحات حشاد.
وقد كانت الأجواء سلمية رغم حدة الشعارات المرفوعة من الطرفين ولم يحصل أي اشتباك، إلا أن الميليشيات الاتحادية بادرت إلى إخراج أعداد كبيرة من العصي والهراوات ورفعها بشكل استفزازي في وجوه المواطنين، قبل أن ينهالوا بها ضرباً على المواطنين وإصابة عدد منهم بجروح في الرأس خاصة، و"قد سجلنا أيضاً استعمال الغازات المشلّة والحجارة التي كانت تُقذف من أعلى سطح مقر الاتحاد على المتجمهرين".
يُذكر أن تونس تعيش أزمة سياسية تعد الأكثر حدة منذ وصول حركة النهضة الإسلامية للحكم، وذلك على خلفية الحركة الاحتجاجية التي شهدتها محافظة سليانة واستمرت أسبوعاً كاملاً، والتي يرشح أن تعرف تطورات دراماتيكية بعد دعوة الرئيس المرزوقي إلى حل الحكومة وتعويضها بحكومة "كفاءات مصغرة"، وهو ما رفضته النهضة وتعدته إلى التلويح بعزل الرئيس.
وستسهم المواجهة المفتوحة بين الحكومة واتحاد الشغل في رفع حدة "العزل لحركة النهضة"، مثلما صرح بذلك رئيس تحرير جريدة "المغرب" زياد كريشان، الذي أكد أن "الحكومة راكمت عدة أخطاء، بسبب نقص الكفاءة والرغبة القوية في الانفراد بالحكم، وإعادة إنتاج ديكتاتورية بن علي".
المصدر : العربية