Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

المتاعب المالية لشركات الطيران بنيجيريا تعصف بسلامة النقل الجوي فى البلاد

 

المتاعب المالية لشركات الطيران بنيجيريا تعصف بسلامة النقل الجوي فى البلاد

لاجوس "المسلة" … قد يظن المسافرون الذين يصلون إلى مطار مورتالا محمد في مدينة لاجوس أنهم نزلوا إلى مخيم للاجئين.

فداخل خيمة بيضاء كبيرة احتشدت أعداد كبيرة من الناس وقد أثقلتهم أمتعتهم في حر ورطوبة شديدين. وحاولوا الاصطفاف أمام شبابيك خدمة مؤقتة لكن المشهد بدا وكأنه سوق.

 

وقد يكون الدليل الوحيد على أن هذا واحد من أهم مباني المطارات الداخلية التي تخدم ثاني أكبر اقتصاد في افريقيا وأكبر بلد منتج للنفط في القارة السمراء هو أن كثيرا من الناس يلبسون سترات رجال الأعمال.

 

ومبنى الركاب 2 حيث تعمل شركة اريك اير داخل خيمة منذ عام بينما تجري عملية تجديد ليس الدليل الوحيد على أن قطاع الطيران النيجيري في حالة فوضى.

 

فخلال الأشهر الأربعة الماضية شهدت نيجيريا حادث تحطم طائرة أودى بحياة 163 شخصا وانهيارا لإحدى شركات الطيران الرئيسية في البلاد وقرارا من البنك المركزي يمنع المقرضين من منح شركات الطيران الرئيسية مزيدا من المال قبل أن تسدد ديونها المتراكمة.

 

وتشير وثائق حصلت عليها رويترز من الشركة المنهارة اير نيجيريا إلى أن سوء الإدارة المالية هو أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الشركة الشهر الماضي وإن كان مالك الشركة جيموه إبراهيم يختلف مع هذا الرأي.

وتقول مصادر مطلعة إن هناك شركات طيران أخرى تمر بضائقة مالية شديدة وهو ما قد تكون له عواقب وخيمة على سلامة الطيران في بلد لديه واحد من أسوأ السجلات في العالم في هذا المجال.

 

وفيلم "الرحلة الأخيرة إلى أبوجا" الذي تدور أحداثه حول حادث تحطم طائرة بسبب خلل فني هو أكثر الأفلام عرضا في صالات السينما من إنتاج "نوليوود" المحاكاة الافريقية لهوليوود وثالث أكبر مركز لصناعة للسينما في العالم.

 

وكان الفيلم جاهزا للعرض قبل أيام قليلة من اصطدام طائرة لشركة دانا اير قادمة من أبوجا بمبنى سكني في لاجوس في يونيو حزيران مما أسفر عن مقتل 153 شخصا كانوا على متنها وعشرة آخرين على الأرض في أسوأ كارثة طيران في نيجيريا خلال عقدين وأول حادثة كبيرة منذ ست سنوات.

ولم يكتمل التحقيق في أسباب الحادث بعد لكن تقريرا أوليا تحدث عن عطل في محركين. ويرى البعض أن هذه مجرد حلقة في سلسلة من الأحداث البائسة في بلد يعاني بسبب مسلحين إسلاميين في الشمال وسرقات كبيرة للنفط وفضائح فساد بمليارات الدولارات.

 

وقال رجل الأعمال دايوسولا أودونسي (56 عاما) بعد أن شاهد الفيلم "لا أسافر بالطائرة هذه الأيام إلا إذا كنت مضطرا.. لقد أثار (الفيلم) مسائل مهمة تتعلقة بسلامة الطيران لكن هل من مستمع؟"

 

وطالما كانت لدى الحكومة النيجيرية طموحات لتحويل لاجوس إلى مركز إقليمي للنقل. وحين أنشأ الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون شركة فيرجن نيجيريا للطيران الداخلي والدولي عام 2000 بدا هذا الحلم سهل المنال.

 

غير أن برانسون انسحب عام 2010 لإحباطه مما قال إنه تدخل من قبل سياسيين فاسدين وجهات تنظيمية.

 

لكن الجدوى الاقتصادية التي اجتذبت فيرجن إلى نيجيريا لا تزال تبدو واعدة على الورق.. فهي أكبر بلدان افريقيا من حيث عدد السكان ونموها الاقتصادي يستمر بمعدل سبعة بالمئة سنويا وفيها طبقة وسطى متنامية ونخبة صغيرة فاحشة الثراء.

 

وتقع لاجوس العاصمة التجارية على بعد نحو 530 كيلومترا من العاصمة السياسية أبوجا وكلاهما تبعدان مئات الكيلومترات عن المناطق المنتجة للنفط في جنوب شرق البلاد. والطرق التي تربط بينها حالتها سيئة. ولا خيار أمام كثير من النيجيريين والعاملين الأجانب في قطاعات النفط والبنوك وغيرها سوى الطيران.

 

وبالرغم من إيقاف ناقلتين رئيسيتين خلال الأشهر الأربعة الماضية تطير نحو 200 رحلة داخلية يوميا في الأجواء النيجيرية.

 

وتحقق شركات طيران دولية مثل الخطوط الجوية البريطانية وفيرجن أتلانتك أرباحا هائلة من نيجيريا.

 

لكن بعد عامين من خروج برانسون تم إغلاق شركة الطيران التي أسسها والتي سميت لاحقا اير نيجيريا الشهر الماضي. وقال إبراهيم لرويترز إنه أغلق الشركة بسبب "العمالة غير الجديرة بالثقة".

 

لكن مدير التمويل السابق جون ننوروم يقول إن الشركة انهارت تحت وطأة ديون بلغت نحو 35 مليار نايرا (220 مليون دولار) ولم تستطع حتى دفع رواتب العاملين. ويعتقد ننوروم أن مثل هذه المتاعب المالية منتشرة على نطاق واسع وتشكل خطرا على سلامة الطيران.

 

وقال لرويترز "الطائرات الموجودة لدينا في نيجيريا هي نعوش طائرة… كثير منها قديم للغاية. والطائرات الجديدة لا تتم صيانتها بشكل جيد." وأضاف أنه حاول مخاطبة وزارة الطيران بعد أن ترك اير نيجيريا.

 

وتابع "أخبرتهم أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراء… فستتحطم طائرة قريبا. وبعد أيام قليلة من رسالتي وقعت حادثة دانا."

وأقر جون أوبي المتحدث باسم وزيرة الطيران ستيلا أودواه بأن حادثة دانة دقت ناقوس الخطر لكنه قال إن معايير السلامة الآن أكثر صرامة منها في أي وقت مضى.

 

وأردف قائلا "نعمل ليل نهار لنضمن أن الأجواء النيجيرية آمنة. حادثة دانا كانت مأساوية لكنها تذكرنا بأنه مازال علينا أن نبذل المزيد."

 

وتعاني شركات الطيران في أنحاء العالم من ارتفاع تكاليف الوقود وضعف الاقتصاد العالمي لكن الناقلات الوطنية الصغيرة والشركات الخاصة في افريقيا تضطر علاوة على ذلك إلى منافسة الشركات العالمية العملاقة التي تسيطر على 70 بالمئة من حركة الطيران.

 

وتظهر وثيقة من البنك المركزي أن الناقلتين الكبيرتين الباقيتين في نيجيريا عليهما ديون ثقيلة جدا. فشركة اريك وهي أكبرهما تدين بنحو 85 مليار نايرا لبنك أمكون الذي دعمت الدولة إنشاءه عام 2010 لتجميع الديون الرديئة للتصدي لأزمة مالية.

 

وتدين الشركة الأخرى وهي ايرو كونتراكتورز للبنك بنحو 32.5 مليار نايرا ،ولم يرد مدير اريك على طلب من رويترز للحديث معه ولم يتسن الوصول إلى مسؤولين آخرين للحصول على تعقيب.

 

وهناك قاسم مشترك بين شركات الطيران الثلاثة وهو أنها جميعا مملوكة لشخصيات قوية من النخبة عادة ما تكون لها مصالح في قطاعات أخرى. فشركة نيكون انفستمنتس المملوكة لإبراهيم تستثمر في قطاعات شتى من النفط إلى الفنادق إلى التأمين. ويمتلك جونسون اروميمي إيكهيدا صاحب شركة اريك استثمارات مربحة في النفط والهندسة. وتمتلك عائلة إبرو الثرية صاحبة ايرو كونتراكتورز بنوكا وفنادق فاخرة وصحفا.

 

ويتهم ننوروم إبراهيم بإدارة اير نيجيريا كصندوق شخصي وأنه أخذ لحسابه 35 مليار نايرا هي حصة اير نيجيريا من صندوق للطوارئ أنشأه البنك المركزي عام 2010.

 

وينفي إبراهيم ذلك. وقال لرويترز إن ننوروم موظف ساخط وإنه عزله لاختلاسه 100 ألف دولار. وقال ننوروم إن هذا ادعاء زائف وراءه دوافع سياسية وإن التهم قد أسقطت.

 

وأطلع ننوروم رويترز على رسالة من سلطة الطيران المدني النيجيرية توضح أسباب قرارها بإيقاف اير نيجيريا في يونيو حزيران.

 

وتنقل الرسالة عن موظف كبير قوله "علينا ديون للفنادق وعن الوقود والمناولة والمنشآت. نحن لا ندفع ثمن الوقود حتى في مركزنا هنا في لاجوس. ولا نقلع أبدا في الوقت المحدد بسبب (المشكلات) المالية."

 

وينفي إبراهيم أنه المتسبب في ديون اير نيجيريا. ويقول إن ديون الشركة كانت 370 مليون دولار حين أخذها من فيرجن وأن السلامة لم تتأثر. وأبلغ رويترز أنه يشتبه في أن قرار الإيقاف الذي أصدرته سلطة الطيران المدني وراءه دوافع سياسية.

 

ويقول ننوروم إن شركات الطيران تفتقر عادة للأموال اللازمة لقطع الغيار والصيانة وحظائر الطائرات وشركات المناولة. وأضاف أن اير نيجيريا لديها 11 طائرة منها عشرة لا ينبغي أن تطير.

 

وتظهر رسالة يحتفظ بها ننوروم ومؤرخة في سبتمبر أيلول 2010 من شركة اير نيجيريا إلى العضو المنتدب ليونايتد بنك أوف أفريكا في لاجوس طلبا بتحويل 27 مليون دولار من حساب الشركة إلى حسابات شركات مملوكة لمجموعة نيكون في نيجيريا وغانا.

 

وقال ننوروم إنه سجل أيضا تحويلات أخرى بقيمة ستة مليارات نايرا من اير نيجيريا إلى نيكون في 2010 و2011.

 

ويقول محللون إن الإدارة السيئة لشركات الطيران النيجيرية تكشف عن فشل القطاع الخاص في الاستفادة من تحرير الصناعة.

 

وقال انتوني جولدمان رئيس بي.إم للاستشارات "الفشل المنهجي لشركات الطيران النيجيرية في تحقيق أرباح بالطريقة التقليدية كشركات ناجحة يبرز أمرا.. أنه لطالما كانت النظرة إلى شركات الطيران هناك على أنها مشروعات للتباهي."

 

وتابع "الشركات التي تسير رحلات دولية إلى نيجيريا بشكل تجاري… تحقق أموالا طائلة."

ووجهت انتقادات إلى وزيرة الطيران أودواه أيضا بشأن تعاملها مع الأزمات العديدة للقطاع.

 

ويقول عاملون في هذا القطاع مثل إبراهيم إن قلة خبرتها في الطيران جعلها تركز على جوانب خاطئة مثل عملية التجديد البطيئة التي تقودها الدولة للمطار بدلا من تعزيز التمويل وتشديد قواعد السلامة. وكانت أودواه تعمل في قطاع النقل البري قبل أن يعينها الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان وزيرة للطيران.

 

وقال جون أوبي المتحدث باسم أودواه إن المنتقدين يخطئون حين يلقون باللائمة في مشكلات القطاع لاسيما المتعلقة بالسلامة على قلة خبرة الوزيرة.

 

وتابع "حين كان لدينا أولئك الذين يتمتعون بخبرة فنية أكبر كانت لدينا حوادت أكثر."

 

وأضاف أن الوزيرة تعمل مع البنك المركزي لتقديم تمويل بتكلفة رخيصة لقطاع الطيران وإعفاءات ضريبية من شأنها أن تخفف أزمة شركات الطيران.

 

وإذا كانت الكارثة التالية تقترب سريعا كما يقول مسؤولون في القطاع فليس لدى الوزيرة وقت تضيعه.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله