يتأهب العراقيون لتسلم مدينة “أور “الأثرية التي يوجد بها مقام “النبي إبراهيم “مطلع مايو المقبل من القوات الأمريكية المتواجدة في الناصرية، بعد ست سنوات من الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال على واحدة من أهم المعالم الحضارية والسياحية التي كانت محط أنظار السائحين الأجانب وعلماء الآثار الدوليين.
وأكد قائد القوات الأمريكية في المنطقة العقيد بت كاليا- نجاح اللجان المشتركة في التوصل إلى حلول إيجابية تفضي بتسليم وزارة السياحة والآثار والمسئولين في الناصرية المدينة الأثرية .
وقال عبد الأمير الحمداني خبير في مفتشية الآثار في الناصرية إن تسلم القوات العراقية لمدينة أور الأثرية يعني مكسبا حضاريا لأهم المواقع الأثرية في العالم لما تتمتع به المدينة من أهمية تاريخية لاحتضانها المقبرة الملكية الشهيرة وقصور الملوك السومريين “قصر شولكيالتي”، الأمر الذي سيفتح بداية جديدة للمدينة للاستفادة من خدماتها السياحية، حيث سيتم تشكيل دائرة تضم كادرا أثريا وحراسا من الدائرة لحماية المنطقة.
وأشار إلى أنه إضافة إلى قوات الجيش، ستكون هناك قوات حماية المنشآت الحيوية الذين سيقومون بتوفير الحماية الخارجية لها، مضيفا أن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة كان قد قدم مشروعا لتنظيف مدينة أور الأثرية لغرض تهيئتها ووضعها على لائحة التصنيف العالمية، حسب معايير صندوق التراث العالمي.
وكان قائد الفرقة العاشرة للمشاة “حبيب الحسيني “قد رحب بهذا القرار، وأبدى استعداد القوات العراقية لتسلم الملف الأمني لمدينة “أور” وتأمين الحمايات اللازمة وتكثيف الحراسات للطرق المؤدية إليها من خلال استحداث نقاط للتفتيش والمراقبة علما بأن قوات الفرقة العاشرة العراقية قد تسلمت البوابات الخارجية لهذه المدينة، في خطوة استباقية لإتمام استلام المدينة بمساحتها الكلية مطلع مايو المقبل.
واكتسبت المدينة شهرتها من خلال آثارها وكنوزها الذهبية الموجودة في أجنحة متاحف اللوفر ولندن وجامعة بنسلفانيا التي أوفدت عام 1921 فريقا للتنقيب بهذه المدينة برئاسة ليونارد ويلي، والذي اكتشف المقبرة الملكية وقصر شولكيالتي والحارات السكنية الحديثة والقديمة ومقام النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، الأمر الذي دفع الفاتيكان في روما عام 1999 – 2000 إلى تكثيف حملاته الدعائية وإرسال أكثر من ألف شخصية مسيحية، وعلى رأسها سفير الفاتيكان في باريس للتمهيد لأول زيارة يقوم بها البابا السابق (يوحنا بولص) إلى مدينة أور، والتي لاقت الرفض من حكومة النظام السابق لمثل هذه الزيارة وسط الاستغراب الدولي.
وكانت جمعية الدفاع عن أور، التي شكلها أدباء ومثقفوا العراق، صعدت من وتائر المناشدة لخروج القوات المحتلة عن المدينة لتعود ثانية لاستقطاب زائريها من طلبة الكليات والباحثين وبعثات التنقيب.
بدوره، أشار الباحث حسين الهلالي إلى الكم الحضاري الهائل الذي أنتجته العاصمة السومرية أور، حسب ما أشارت أبحاث عالم الآثار الشهير صاموئيل نوح كريمر عندما قال عبارته المشهورة: التاريخ يبدأ من سومر، موضحا ان تاريخ اختراع الكتابة والتدوين والملاحم الأسطورية والأشعار والتعاليم الدينية والشعائر لتضع نهاية المرحلة الشفاهية وبداية اكتمال الكتابة السومرية ورموزها المستخدمة في الأشعار والملاحم.
وأكد “أهمية المكانة الدينية لأبي الأنبياء “إبراهيم عليه السلام “ومقامه المقدس، هذا المنجز الحضاري عانى من التهميش في زمن النظام السابق، حيث القواعد الجوية والمعسكرات والجيوش حتى بداية الاحتلال الأمريكي الذي ضرب حصارا حضاريا على هذه المدينة”.
وقال “الآن سنبدأ من جديد للتخطيط لإقامة المهرجانات على مدرجات الزقورة (معبد مدرج) واستقطاب علماء الآثار والمنقبين، لأن في هذه المدينة أسرار لا بد من فك رموزها وألواح طينية مهمة ستفضي بالأهم”.