من عام الى عام والانجازات والمكاسب الأثرية تجد طريقها الى الاكتمال والتميز ، على مستويات عدة منها مشروعات الترميم المستمرة بالمواقع الأثرية ، وبناء المتاحف الأثرية النوعية التى تتميز بكونها مؤسسات تعليمية لتنمية الوعى الأثري وليست فقط أماكن لعرض الآثار ، بالإضافة للاكتشافات الأثرية المستمرة التى تحقق مقولة الأثري المصرى الدكتور زاهى حواس بأن أرض مصر ما زالت تحتفظ بحوالى 70 فى المائة من كنوزها الأثرية لم تكتشف بعد ، مرورا بمعارض الآثار الخارجية التى تحقق لمصر الكثير من المكاسب على المستوى المادية وايضا الدعاية السياحية ، فيما كان أبرزها معرض الفرعون الذهبى توت عنخ آمون الذى افتتحته السيدة سوزان مبارك قرينة السيد الرئيس بالعاصمة البريطانية لندن ، والمعارض المقامة حاليا بألمانيا واليابان والمكسيك وغيرها من دول العالم .
لكن الحدث الأهم والأبرز على أجندة العام الأثرية الذى يوشك على الانتهاء بعد ساعات ، هو ما كشف عنه من أسرار خطيرة لم تعرف من قبل أثناء إجراء الدراسات والأبحاث بالأشعة على ست مومياوات الموجودة حاليا بالمتحف المصرى وترجع الى عصر الدولة الحديثة اثنتان منهما عثر عليهما فى المقبرة 35 بوادى الملوك واثنتان عثر عليهما فى خبيئة المومياوات بالدير البحرى عام 1982 ، والأخيرتان بالمقبرة رقم 60 بوادى الملوك بواسطة هوارد كارتر ، احدهما تم التأكد من انها للملكة حتشبسوت واقيمت احتفالية لها بالمتحف المصرى فى حضور وزير الثقافة فاروق حسنى والأخرى للمرضعة الملكية والتى تعرف باسم ” ست رع إن ” .
والذى أثار الدهشة لدى العلماء والمهتمين بالعمل الأثرى أكثر من الكشف عن الملكة حتشبسوت ، هو ما ظهر أثناء قيام فريق العلماء بدراسة مومياوات تحتمس الأول ، والثانى والثالث ، والذى اتضح أن المومياء التى كان يعتقد انها للملك تحتمس الأول ليست ملكية ، وليست لتحتمس الأول بل لشخص مجهول الهوية ، وهو ما يعصف بكافة الحقائق والمعلومات السابقة عن ان هذه المومياء لتحتمس الأول .
وفى العام 2007 ايضا رفضت مصر الزج بالاهرامات ، فى مسابقة سويسرية مشبوهة لعجائب الدنيا السبع يهدف صاحبها الى الربح المادي واستغلال قيمة وتاريخ الأهرامات ، وطالبت اليونسكو باختيار أهم وأبرز 300 عالم وخبير أثرى ومثقف على مستوى العالم واختيار العجائب الجديدة وفقا للشروط العلمية والتاريخية ومن قبل علماء مؤهلين لذلك .
واستمرارا للضغوط الدولية المصرية لاستعادة كنوزها الأثرية التى خرجت بطرق غير مشروعة ، نجحت مصر هذا العام فى استعادة قطعة أثرية هامة من كندا ، هى عبارة عن أناء من الالباستر يرجع لعصر الدولة الوسطى بعد ان قام بتسليمها مواطن كندى يدعى روبرت كريستى للسفارة المصرية فى اوتاوا ، كما نجحت مصر ايضا فى استعادة صندوقين طعام مصنوعين من الألباستر على هيئة بطة من الولايات المتحدة ، كانا قد اختفيا من مخازن منطقة سقارة فى السبعينيات بمعاونة الأثري الأمريكي ديتر أرنولد ، فيما توجت هذه الجهود بقرار رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بإنشاء لجنة قومية لاستعادة الآثار المهربة .
ونتيجة لهذه الجهود المصرية المستمرة والدعوات الكثيرة التى أطلقتها الأثار المصرية لدول العالم لاستعادة الكنوز الأثرية التى خرجت من مصر بطرق غير مشروعة ، وافق متحف “هيلدزهايم” فى ألمانيا على إقراض مصر تمثال “حم ايونو” المهندس الذى بنى الهرم الأكبر لعرضه فى المتحف المصرى الكبير بمناسبة افتتاحه عام 2011 ، لكن الحملة لن تتوقف كما يقول الدكتور حواس ، وستستمر مستقبلا لاستعادة خمسة قطع أثرية بشكل كامل ، حيث تعتبر من أهم القطع المصرية القديمة وأندرها ، وهم ” رأس الملكة نفرتيتي زوجة الملك اخناتون الموجودة بمتحف برلين، وحجر رشيد الذى يرجع لعام 196 ق.م، والمعروض حاليا بالمتحف البريطاني بلندن، والقبة السماوية “الزودياك” بمتحف اللوفر والتى تم انتزاعها من معبد دندرة،اما القطعة الخامسة فهى تمثال “عنخ حا اف” مهندس الهرم الثانى للملك خفرع والمعروض حاليا بمتحف الفنون الجميلة ببوسطن ، بالاضافة لتمثال حم ايونو ” .
يذكر أن 12 دولة من بينها مصر والصين، سوف تصدر في يونيو من العام المقبل، قوائم بالآثار المطلوب استعادتها ، وتقديمها إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، لإثبات أحقيتها بهذه الآثار ، فيما تقضي قواعد اليونسكو بعدم أحقية الدول في استعادة الآثار التي خرجت منها بعد العام 1972 .
ومن الأحداث الأثرية الهامة ايضا على صعيد الاكتشافات الأثرية ، هو ما كشفته البعثة المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار برئاسة الدكتور محمد عبد المقصود ، داخل قلعة ثارو الفرعونية بشمال سيناء بالقنطرة شرق عن بقايا مخلفات لآثار بركان سانت تورين (ثيرا) والذى انفجر فى البحر المتوسط بقوة تعادل 150 ميجا طن من مادة ” تى ان تى ” حيث تسبب فى وفاة أكثر من 35000 شخص بالبحر المتوسط حوالى عام 1500 قبل الميلاد وأسفر عنه ايضا ما يعرف باسم تسونامى البحر المتوسط والذي أغرق العديد من المدن والسواحل من ضمنها سوحل مصر الشمالية وفلسطين – وشمال المملكة العربية السعودية وسواحل شمال سيناء وتأثرت به مدن شرق الدلتا القديمة عن طريق الفرع البيلوزى للنيل والتى كان ومن الاكتشافات الهامة خلال 2007 ، عثور بعثة متحف “ليدن “الهولندى للاثار العاملة بمنطقة سقارة بالجيزة على مقبرة ضخمة تعود لعصر الملك اخناتون فى عهد الاسرة “19” الفرعونية حوالى 3500 عام وتخص المدعو “مرى _نيت “الملقب بكبير النظار للمعبود “آتون” ، واكتشاف بعثة جامعة “كامبردج ” الانجليزية العاملة بمنطقة البر الغربى بالأقصر داخل المقبرة 99 بوادى الملوك ، مومياء أثرية نادرة للمدعو” سننفرى”الملقب بالكاهن الاكبر للاله آمون والذى يعود الى عصر الاسرة “18” الفرعونية حوالى 3000 عام تقريبا ، وكشف أثرى آخر لتابوت مهم من عصر الاسرة 13 فى التاريخ المصرى القديم يوجد عليه نصوص الأهرامات ونقوش بألوان زاهية مكتوبة باللغة الغيروغرافية القديمة بمعرفة عالم الاثار الألمانى الدكتور دانيل بولس قام بترميمه المعهد الألمانى للاثار .
كما استطاعت بعثة اثرية مصرية اعادة اكتشاف جزء لم يكشف عنه من قبل لكنوز الملك الذهبى توت عنخ آمون ، كان مكتشف المقبرة هوارد كارتر قد تركها داخل حجرة الكنز المقاورة لحجرة الدفن بوادى الملوك بالأقصر ، وضم عشرين أنية من الفخار مغلقة بالكامل وتوجد عليها خراطيش تحمل أسم الملك توت عنخ امون ، بالاضافة الى سلة ممتلئة بثمار الدوم ، كما تمكنت إدارة آثار ما قبل التاريخ بالمجلس الأعلى للآثار برئاسة خالد سعد مدير الإدارة من خلال عمليات المسح الأثري لمنطقة الصحراء البيضاء والسوداء بالفرافرة والواحات البحرية ، خاصة منطقة وادي عين السر ، من اكتشاف هياكل عظمية وحراب وأدوات حجرية ترجع الى عصور ما قبل التاريخ .
أما بمدينة الاقصر وخاصة فى معبد الكرنك فكانت أكتشافات البعثة المصرية الفرنسية عديدة ومنها الكشف عن جزء من سد كبير بالموقع على عمق 2.5م فى الجزء الشمالى الشرقى مشيد من بلوكات من الحجر الرملى ، كما عثر على مستوى كامل كانت تشغله بقايا جدران من الطوب الأحمر وجدران من الطوب اللبن ، وممرات أو شوارع ضيقة كانت تفصل بين مبانى مختلفة عثر عليها هناك ، بالاضافة الى العديد من أوانى الفخار التى تؤرخ فى الجزء السفلى البطلمى بالفترة من القرن الثانى والقرن الثالث قبل الميلاد وذلك طبقا لطريقة الصنع وشكل الأوانى والقطع الفخارية الصغيرة التى عثر عليها وكذلك بعض العملات التى تؤرخ بعضها بالفترة البطلمية والبعض الأخر بالفترة البطلمية المتأخرة .
هذا وكما يؤكد دكتور زاهى حواس أن المجلس سيستكمل ايضا خلال 2008 خطة ترميم المناطق الاثرية فى مصر لحماية الاثار من المياه الجوفية فى مناطق تل بسطة وسقارة والهرم ، اضافة الى مشروعات فى اسنا والفيوم ومنطقة ميت رهينة و منطقة الوادى لتمثال أبو الهول ، بالاضافة للاحتفالية الضخمة التى ستقام أوائل العام لافتتاح معابد الكرنك بعد انتهاء مشروعات التطوير والترميم بها ، وليس على مستوى المعابد