انطلق موكب ضخم من السفراء والمسؤولين العرب يصاحبهم العديد من الساسة ورجال المجتمع وعدد من الوزراء بكوريا الجنوبية ، فى طريقة من العاصمة سيئول الى مدينة أنتشون الصناعية فى الغرب ، حيث كان الموكب رسميا تحيطه سلسلة من مركبات الشرطة ، وكل عربة ترفع علم الدولة العربية التى ينتمى لها الوفد الذى يستقلها .
وفى انتشون كان الحدث الأهم فى تاريخ منطقة شرق اسيا ، وهو افتتاح المركز الكورى للثقافة العربية والاسلامية ، والذى افتتحه حاكم إنتشون آن سونج سو ووزراء الثقافة والصناعة والتجارة بكوريا ، وكيم سونج كوون رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الكورى وأحد أهم المخططين لانشاء المركز ، بالاضافة الى وزير الثقافة السودانى محمد يوسف عبد الله ، والدكتور جابر عصفور نائبا عن وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى ، و نانسي بكير الأمين العام المساعد للشئون الاجتماعية نائبا عن أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الرئيس الشرفى للمركز ، ومحمد الدالى المستشار بالجامعة العربية ، وجميع السفراء العرب المعتمدين لدى كوريا الجنوبية ويتقدمهم السفير المصرى رضا الطايفى والدكتور هان دوك كيو رئيس جمعية كوريا والشرق الأوسط ورئيس المركز .
ويقول حاكم انتشون ان هذا الحلم تحول إلى حقيقة وميلاد هذا المركز الكوري يعد ثمرة جهود جبارة لجمعية كوريا والشرق الوسط والمدينة وكافة الأصدقاء العرب من داخل وخارج كوريا بذلت من أجل تصحيح صورة العرب والمسلمين داخل كوريا وتقوية سبل التفاهم الثنائي ، وكجسر عبر كوريا الى باقى دول شرق اسيا .. متعهدا بأن يصبح المركز الكورى للثقافة العربية والاسلامية واحدا من أهم المراكز الثقافية بالعالم .
وأضاف ان افتتاح المركز يمهد الطريق لمدينة إنتشون لتصبح مدينة عالمية وذلك لتقريبها من الثقافات المتعددة ، وانه سيساهم في زيادة استثمار الدول الاسلامية والشرق الاوسط في منطقة الاقتصاد الحرة في إنتشون ، والتبادل الرياضي ، والثقافى ، و تبادل زيارات الوفود المشتركة فى كافة المجالات الانسانية مع الدول العربية والاسلامية .
من جانبه قال الدكتور هان دوك كيو رئيس المركز ان أحد اهداف المركز هو المساعدة على فهم الثقافة الاسلامية التي يدين بها 5ر1 بليون نسمة من أصل 57 دولة في العالم وتوسيع التبادل بين كوريا الجنوبية ودول الشرق الاوسط في منطقة نامدونغ في انتشون غربي العاصمة الكورية سيئول ، حيث تعهد بمواصلة الحوار والتضامن بين العالمين العربي الإسلامي والكوري، وأن مستقبل هذه العلاقات سيكون أكثر انفتاحا عبر العمل بين الأخوة والأصدقاء في الجانبين لتوضيح الصورة الحقيقية لهذه الحضارات .
ويقع مقر المركز الكورى للثقافة العربية والاسلامية بصفة مؤقتة بالطابق الثالث من مبنى ديهونغ مقابل مقر مجلس بلدية مدينة إنتشون الكورية بدعم مالي بلغ 700 مليون وون كوري (750 الف دولار أمريكي) من قبل مدينة انتشون ، شركة أس كي للبترول بإنتشون وبنك شينهان ويقوم بادارته جمعية كوريا والشرق الأوسط .
وتبلغ مساحة المركز 700ر1 متر مربع ويضم صالة التأريخ ، صالة الثقافة، وصالة العروض الخاصة وتم عرض المعلومات المتنوعة التى يمكن ان يتم التعرف عن طريقها على تاريخ وثقاقة الاسلام مثل الازياء العربية والاسلامية التقليدية ، والكتب منها كتب التراث وكتب الدين ، وأدوات الديكور، والمجوهرات .
وقد قامت الوفود المشاركة في افتتاح المركز، في مقره المؤقت، بجولة على أقسامه المختلفة من مصلى، وقاعة محاضرات ومؤتمرات وعرض سينمائي، وقاعة عرض دائمة للحضارة العربية والإسلامية، وقاعة معارض خاصة بكل دولة عربية أو إسلامية، ومكتبة خاصة بكتب الحضارة العربية والإسلامية، فضلا عن مكتبة الأفلام الوثائقية والأفلام والدرامية، وأجهزة كمبيوتر بإمكانات عربية، ومقهى ثقافي، ومكتب الإدارة ومكتب خدمة لرجال الأعمال، وقاعة مشاهدة للقنوات العربية مجهزة بأجهزة القمر الصناعى .
ومن المقرر أن يعمل المركز حتى يتم نقله الى مبنى ضخم بمنطقة تشونغ عام 2012 ، ليصبح أحد أكبر المراكز الثقافية فى العالم ، حيث يقام على مساحة 12 ألف مترا مربعا بالمنطقة الحرة لإقليم تشونجلا ويضم عدة ادوار تخصص لكافة اشكال الثقافة العربية والاسلامية .
من جانبه يقول الدكتور يوسف عبد الفتاح الأستاذ بجامعة هانكوك ومستشار رئيس المركز ، بأن أضخم جاليتين عربيتين فى كوريا الجنوبية هما ” السودانية والمصرية ” ، مضيفا أن هذا المركز سيسهم أيضا في مد الجسور بينهم وبين ثقافتهم ولغتهم الأم من خلال مرافقه المختلفة .. موضحا أن الدكتور هان دوك كيو على الرغم من أنه ليس عربيا وليس مسلما ، الا أنه عقد العزم على ان يقاتل من أجل توضيح حقيقة العرب والمسلمين فى بلاده لمواطني كوريا الذى ينتمي لهم .
ويصف الشاعر أحمد فضل شبلول عضو اتحاد الكتاب المصريين المشاعر المصاحبة لافتتاح المركز الكورى للثقافة العربية والاسلامية بالتفاؤلية بمستقبل مشرق بين الشعوب الكورية والعربية والإسلامية، في ظل انفتاح واع من الشعب الكوري على ثقافات الشعوب المختلفة ، حيث شارك العشرات بأياديهم، بعد أن تقلدوا غطاء أصابع اليد الأبيض، في شد الحبل الذهبي لستارة الافتتاح، ليتم الكشف عن لوحة تعبر عن البيئة العربية التقليدية في اتساعها ورحابتها التي تدل على اتساع رحابة صدر الإنسان العربي والمسلم وتسامحه، بعد أن كان يوصف بالإرهاب وضيق الأفق ، كتب على هذه اللوحة باللغتين العربية والكورية ” كوريا والعرب _ اهلا وسهلا ” ..
وأضاف انه منذ أعوام طويلة والكل يتأهب لتلك اللحظة المشرقة ، التي تكشف عن عمق العلاقة والصداقة بين العرب والمسلمين والشعب الكوري المضياف الذي استطاع في فترة وجيزة من الزمن أن يخلق قوة اقتصادية لا يستهان بها
ولتحقيق أهداف المركز وضعت خطة عمل رئيسية تتمثل في تعليم اللغة العربية للكوريين والكورية للعرب، وترجمة الكتب العلمية والثقافية من العربية إلى الكورية ومن الكورية إلى العربية، وإقامة معارض لمختلف الدول العربية لتقديم الإمكانات السياحية والاقتصادية والاستثمارية والحضارية لها، وخدمة رجال الأعمال وتقديم المشورة لهم وكذلك الترجمة اللازمة، وإنشاء مركز معلومات لتقديم المعلومات اللازمة للطرفين في شتى المجالات، وإنشاء مركز إعلامي لرصد ملامح صورة العرب والمسلمين في الإعلام الكوري، والرد والتوضيح إذا لزم الأمر، وكذلك رصد صورة كوريا في الإعلام العربي ومعالجة الأزمات في حينها ، وبعد مشاهدة الخرائط والصور التي توضح ما سوف تكون عليه المنطقة بعد عدة سنوات، وبعد شرح مستفيض لآلية العمل بالمنطقة، تقدم آن سونج سو حاكم المدينة، ومعه عدد من المشاركين في إزاحة الستار عن صخرة كتب عليها “شارع العرب” إشارة إلى اسم أحد الشوارع الرئيسية بالمنطقة الجديدة التي تفضي إلى ميناء المنطقة الحرة .
وخلال حفل الافتتاح حرص كل حاكم أنتشون ورئيس المركز الكورى على تكريم الكاتب المصرى مصطفى عبد الله لإهدائه ألف كتاب من مكتبته الخاصة لتصبح الدعامة التى تنهض عليها مكتبة هذا المركز الفريد من نوعه فى آسيا كلها ، والتى تضم كتبا لنخبة من كبار المبدعين والنقاد والمفكرين من كافة أرجاء العالم العربى ، فى دعوة للكتاب والمؤلفين العرب للتواصل مع هذا المركز واهدائه مؤلفاتهم لتستقر فى هذا الصرح الفريد فى شرق اسيا ليفيد منها دارسى الأدب العربى فى الجامعات الكورية الأربع ومن يتوقون لدراسة اللغة العربية .
ويؤكد حكيم كيم رئيس المركز أنه راع فى تنظيمه ان يضم معرضا دائما يعرف الزوار الذين يتوافدون على هذه المدينة التى تقع على الساحل الغربي لكوريا الجنوبية والتى تبعد حوالى 35 كم عن العاصمة سيول ، وتعد حلقة وصل بين كوريا الجنوبية وبلدان العالم العربي والإسلامي وجنوب شرق آسيا عموما من ناحية وأوربا وأمريكا من ناحية أخرى لأنها منطقة اقتصادية حرة انشأت في عام 2003 ، كما يضم المركز ايضا معرضا تتعاقب عليه الدول العربية بمعروضاتها وتراثها الأدبى والفكرى الذى يعرف لطبيعة الابداع فيها ، وقد تم اختيار مصر لتفتتح هذا النشاط من خلال معرض المستنسخات الأثرية التى اهداها الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الى المركز الكورى للثقافة العربية والاسلامية .
ويقول رضا الطايفى سفير مصر بسيؤل حيث سيتم ايضا اقامة مهرجان لعرض الافلام المصرية وأنه سيتم عمل دوبلاج ناطق باللغة الكورية يخلق جمهورا جديدا للدراما والفن المصرى متعطش للتعرف لكل شىء عن العرب والمسلمين .
ومن جانبه أشاد وزير الثقافة السوداني محمد يوسف عبدالله بالجهود الكورية في توطيد العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي عبر إنشاء هذا المركز المتميز والذي يعد تعبيرا عن احترام كوريا للحضارات، معربا عن أمله في استكمال هذا التعاون بين العرب والكوريين لنهضة الشعوب ودفع العلاقات المشتركة إلى مجالات رحبة .
أما نانسي بكير التى أنابها عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية ، فقد أشارت إلى أن مدينة أنتشون تضم عراقة التاريخ وروح العصر، وكرست من خلال هذا المركز لغة للحب والتآخي يمكن عبرها بناء علاقات صحيحة بين الشعوب في الجانبين .
واعتبرت بكير أن هذه الاحتفالية، وتأسيس المركز الكوري، هو جسر جديد للثقافة بين العالمين العربي والإسلامي وكوريا، يُضم إلى الجسور الكبيرة الموجودة في هذه الدولة المتقدمة .. مؤكدة ان السيد عمرو موسى حالت ظروف الشرق الأوسط دون قدومه الى هنا لحض