يعقد مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية مؤتمره الرابع صباح غد “الأحد” بعنوان ” المخطوطات المترجمة ” فى الفترة من 29 مايو حتى الأول من شهر يونيو المقبل ، ويفتتحه الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير المكتبة والدكتور يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات بمشاركة عدد كبير من العلماء والمثقفين والباحثين من مصر وعدد من دول العالم .
ويقول الدكتور يوسف زيدان – فى تصريح ل المسلة – أن المؤتمر يتضمن عدة محاور من بينها ” التفاعل بين العناصر المرتبطة بالترجمة والمؤثرة فيها ، و ترجمة النص الحى والنص المندثر وأسباب اختيار كل منهما ، والجهود الفردية والمؤسساتية فى مجال الترجمة ، والعلاقة بين التراجم وأصحاب السلطان ، وأثر أساليب الترجمة فى تشكيل الوعى بالتراث السابق ، وهو ما يمكن تسميته : سلطة الترجمة والعلامات الكبرى فى مسيرة الترجمة بين الثقافات وبشكل خاص الترجمة من وإلى اللغة العربية ، والترجمات الوسيطة من لغة إلى لغة ، عبر لغة أخرى مثلما هو الحال فى الترجمات العربية القديمة للأصول اليونانية عبر اللغة السوريانية ، بالاضافة الى نظرية الترجمة وتطبيقاتها .
وأضاف انه امتدادا لمؤتمرات مركز المخطوطات الدولية الرامية إلى الكشف عن الجوانب المجهولة والمهجورة من التراث العربى الإسلامى ، يأتى انعقاد هذا المؤتمر على نسق ما سبقه من مؤتمرات وهى ” المخطوطات الألفية .. سبتمبر 2004 ، والمخطوطات الموقعة .. ابريل 2005 ، والمخطوطات الشارحة .. مارس 2006 ، هادفا إلى الكشف عن جانب هام من تراثنا العربى المخطوط، وعلى وجه الخصوص علاقة هذا التراث بما سبقه وتلاه من تراث الأمم .
وأشار الدكتور زيدان الى أنه معروف ان عمليات التفاعل بين الحضارات الإنسانية قد تمت من خلال عدة سبل، كانت الترجمة واحدة منها ، لكن الترجمة كانت دوما هى المعبر الرئيس لاقتباس اللاحق من السابق ، ووسيلة تفعيل التلاقح الحضارى بين الثقافات التى تعاصرت أو تتابعت .
وأوضح أنه عن طريق ترجمة النصوص التى كانت مخطوطة ، بالطبع ، فى الأزمنة القديمة ، عرف العرب المسلمون الذخيرة الحضارية للأمم الأسبق تحضرا ، وعلى وجه الخصوص “اليونان” التى انطوى تراثها على أصول كثيرة من مصر القديمة وحضارات الشرق ، على أن الترجمة لم تكن السبيل الوحيد للتفاعل بين الحضارات ، فهناك أيضا سبل التجارة التى احتل فيها “طريق الحرير” مكانة خاصة ، وهناك انتشار الديانات والمذاهب الروحية التى اتخذت سبلا تثير الدهشة ، وهناك الحروب والمعارك التى خاضتها الجماعات الإنسانية أملا فى الثروة والمجد المراوغ .
وقال الدكتور يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات ان الترجمة تظل أحد أهم العوامل التى أثرت تاريخ الإنسانية وأثرت فيه ، سلبا وإيجابا ، فعن طريق التراجم امتد تراث اليهودية والمسيحية ، وانتقل التراث اليونانى إلى السريان ثم إلى العرب ، ومن ثم إلى اللاتينية واللغات الأوروبية المعاصرة .
وأضاف انه مع غياب الترجمة ، انطمس تراث هائل دونته الأمم بعدة لغات اندثرت مع أهلها ” المصرية القديمة ، الحبشية ، البهلوية ، الآرامية .. وغيرها من لغات الأقوام الذين غابوا فى التاريخ قبل قرون خلت ، أو بقوا فى الزمان على هامش التحضر الإنسانى .. موضحا أن الترجمة كانت دوما ، وستظل ، معيار بقاء وعامل إ ثراء لحضارة الإنسان ومن هنا جاءت فكرة هذا المؤتمر داعية إلى العكوف المتأنى على قضية الترجمة فى عمومها وتفصيلاتها ، لاستكشاف ما يتعلق بهذه القضية الحضارية الكبرى .
وأشار الى انه مع أن “الترجمة” هى الموضوع الرئيس للمؤتمر ، إلا أننا نطمح أيضا من خلال جلسات المؤتمر وأوراقه ومناقشاته إلى إلقاء بعض الضوء على تلك الوصلات الخفية بين العوامل التى أدت إلى نشاط الترجمة التراثية فى أزمنة معينة ، بغية الإجابة على تساؤلات أساسية ، من نوع ” لماذا تمت الترجمة بين لغات بعينها ، وغابت عن لغات أخرى ؟ لماذا نشطت الترجمة فى أزمنة ، وانحسرت فى غيرها ؟ هل تمت عمليات الترجمة بوعى جماعى أم بذوق فردى ، أم بكليهما ؟ ما الذى أدت إليه المخطوطة المترجمة فى ثقافة اللغة التى تُرجمت إليها ، وماهى أصلا المخطوطات المترجمة إلى هذه اللغة أو تلك ؟ ماهى العلاقة بين الترجمة والسلطة السائدة ، وكيف يؤثر كل منهما فى الآخر ؟ .