اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

السياحة الدينية تسبق الأثرية في البقاع

 

السياحة الدينية تسبق الأثرية في البقاع

 

البقاع "ادارة التحرير" … باتت المقامات الدينية في بعض قرى البقاع تستقطب الزوار أكثر من الأماكن الأثرية والسياحية. ويعزو المتابعون ارتفاع العدد إلى تعثر السياحة الدينية في سوريا والعراق وعمليات الاختطاف التي طاولت زوار العتبات المقدسة. هذه المقامات التي تشكل رافداً مالياً لبلدات المنطقة تنتظر العناية الرسمية بها.

 

لم يكن أحد ليسمع ببعض القرى البقاعية لو لم يغدق التاريخ عليها تارة بآثار وأحجار تنضح بقصص حضارات غابرة، وطوراً بأماكن دينية تجذب المؤمنين. من هياكل بعلبك وقلعتي قصرنبا ونيحا، إلى الهرمل وقاموعها المرابض عند مدخلها، ودير مار مارون، وغيرها من المواقع الأثرية في المنطقة، شواهد تاريخية خلّفتها حضارات منذ قرون. وقد نال البعض منها شيئاً من رضى وزارتي الثقافة والسياحة، فيما لا يزال الكثير يعاني الإهمال.

«لا مجال للمقارنة بين زوار المقامات الدينية وزوار الأماكن الأثرية في البقاع»، يقول رئيس بلدية بعلبك هاشم عثمان. ويكشف لـ«الأخبار» أنّ أعداد الذين يقصدون مقام السيدة خولة تفوق بكثير أعداد زوار قلعة بعلبك. ويزور الأجانب بصورة خاصة المقام للتعرف إلى هذا الصرح الديني الشهير.

ويعزو عثمان ازدهار حركة السياحة الدينية في البقاع أخيراً إلى الأحداث في سوريا، وعمليات الاختطاف التي طاولت زوار العتبات المقدسة، ما جعل المؤمنين اللبنانيين يعدلون عن زيارة أماكن مختلفة كانت تستقطبهم في السابق مثل مقام السيدة زينب في الشام، ومقام الإمام الحسين في العراق. بل إنّ أعدادهم تضاعفت بعدما تقرر إحياء أربعين الإمام حسين في بعلبك.

هكذا، يؤم اللبنانيون تلك الصروح الدينية، يومياً أو أسبوعياً أو في المناسبات والأعياد الدينية لإيفاء النذور، «وعند كل ضيق أو أزمة أو مرض». وتزخر القرى البقاعية بعدد وافر منها، بدءاً من النبي أيلا في البقاع الأوسط، مروراً بالسيدة خولة بنت الحسين ومسجد رأس الحسين في بعلبك، وصولاً إلى سيدة بشوات في غربي بعلبك، ودير وكنيسة الميلاد في رأس بعلبك ودير مار مارون في الهرمل، إضافة إلى مقامات دينية أخرى في النبي شيت وطاريا وغيرها من القرى البقاعية.

يقصد مقام النبي أيلا أسبوعياً أكثر من 300 مؤمن. وفي المناسبات يتجاوز العدد 500 مؤمن بين مسيحي ومسلم في اليوم الواحد، بحسب رئيس البلدية محمد السيد، الذي يلفت إلى أن النبي أيلا لدى المسلمين هو نفسه «مار الياس الحي» عند المسيحيين، وأن زوار الوقف يتهافتون إليه خلال أيام الأسبوع (الجمعة والأحد)، بقصد إيفاء النذور وذبح الخراف وتخصيص جزء منها لوقف المقام وتوزيعها لاحقاً على الفقراء، على حد تعبير السيد. لمقام النبي أيلا قصة خاصة؛ فهو يجذب أهالي بعض القرى والبلدات البقاعية، لا لكونه يمثل صرحاً دينياً فحسب، بل لأنّه عبارة عن «محكمة تقاضٍ بين متخاصمين»، بحسب السيد الذي أوضح أنّ شخصين متخاصمين سواء في اشتباه بسرقة أو اختلاس أو غيرها من الخلافات، يلجآن إلى المقام بغية حلف اليمين، وبمجرد قيام المشتبه فيه بتأدية اليمين على الضريح، يعدّ بريء الذمة، والعكس صحيح. أما لو حلف كذباً فالمتعارف عليه في المنطقة أن النبي حاضر للاقتصاص منه، كما يؤكد السيد أيضاً.

وإذا لم تتمكن بعض البلديات من إنجاز الإحصائيات بالنسبة إلى عدد زوار الأماكن المقدسة في بعلبك والبقاع الأوسط، فإن بلدية بشوات تمكنت من ذلك، كما يؤكد رئيسها حميد كيروز. ويشير الرجل إلى أنّ عدد زوار المقام يقارب 3 ملايين زائر سنوياً، وهو يستند في إحصائه إلى أن أبناء البلدة يصنعون أكثر من ثلاثة ملايين كيس من البخور في السنة الواحدة، ويلجأون في بعض الأوقات إلى تصنيع غيرها في العام نفسه، في محاولة لتلبية طلبات الزوار، الذين لا تقتصر طوائفهم على المسيحية فقط، بل تتعداها لتشمل زواراً مسلمين من القرى والبلدات المجاورة ومناطق لبنانية أخرى. ويرى أن تفوق عدد زوار الأماكن الدينية على المواقع الأثرية أمر طبيعي، بالنظر إلى «قداسة تلك الأماكن التي يرتبط بها كل شخص روحياً مهما كانت طائفته أو مذهبه، مع كل ضيق أو أزمة أو مناسبة دينية، في حين أن زيارة المواقع الأثرية تتعلق بجانب الاكتشاف والتعرف إلى حضارات سابقة».

لكن عدد زوار سيدة بشوات تراجع هذا العام إلى أقل من 500 ألف زائر، وذلك بسبب بعض «الحوادث الأمنية في المنطقة ومنها الاختطاف والسلب»، في الوقت الذي كان الأهالي يعولون فيه كثيراً على الزوار المؤمنين للبلدة في شهري أيار وآب، «لتنشيط الحركة التجارية التي يوفرها الزوار ورفدهم البلدة مالياً بطريقة غير مباشرة»، بحسب كيروز. وكما في سيدة بشوات، كذلك في بعلبك، فالسياحة الدينية تعد مصدر إنعاش للحركة التجارية؛ فغالبية أصحاب المحال التجارية والمطاعم ينتظرون بفارغ الصبر قدوم الزوار إلى الأماكن الدينية لتحريك عجلة الاقتصاد.

هكذا، لم تفلح المبادرات التشجيعية التي قدمتها بلديات المنطقة للمواقع الأثرية في مجاراة السياحة الدينية في المنطقة. ومن هذه المبادرات لجذب أعداد أكبر من السياح، إلغاء رسم الدخول إلى بعض المواقع، ولا سيما قلعة قصرنبا التاريخية، وإنشاء مشروع الإرث الثقافي والحلة الجديدة لقلعة بعلبك وهياكلها.

ففي أعالي بلدة قصرنبا، تتربع قلعة ضخمة بين منازل الأهالي، لكنها كما غيرها من المواقع الأثرية تشكو قلة عدد زوارها في السنة، وذلك بالنظر إلى «موقعها في أعالي البلدة، وعدم توافر الدعاية الكاملة لها، رغم إدراجها على لائحة المواقع السياحية في لبنان»، كما يقول رئيس بلدية قصرنبا عبد الكريم الديراني. لا يتعدى عدد زوار القلعة في العام أكثر من 300 زائر من سياح أجانب وعرب وطلاب مدارس وجامعات. وتجدر الإشارة إلى أنّ المواقع الأثرية تنعش الحركة الاقتصادية في أسواق المنطقة ومحالّها التجارية.
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled