اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

لا داعي لإيران سيادة الرئيس! .. بقلم نادر بكار

لا داعي لإيران سيادة الرئيس! ..

بقلم نادر بكار

فى هذه المرحلة الدقيقة التى نعيد فيها ترتيب البيت من الداخل؛ نحتاج إلى رؤية محددة لإعادة هندسة أولويات وتوجهات السياسة الخارجية المصرية؛ رؤية ننطلق منها لنرسم لمصر مكاناً محورياً يؤهلها للعب دور قيادى منشود؛ ومن ثمَّ تصبح زيارات الرئيس الخارجية تنفيذًا دبلوماسيًا لخطٍ إستراتيجى عام وإطارٍ سياسى شامل يعكس أولويات دوائر صنع واتخاذ القرار فى مصر بعد الثورة.

وعلى سبيل المثال؛ حينما يمَّم الرئيس وجهه شطر المملكة السعودية فى أولى زياراته الخارجية ظننا أنه أعطى دلالاتٍ قوية للشرق والغرب لملامح السياسة المصرية الخارجية وأولوياتها بعد الثورة؛ ومَن لم يرَ فيها ما يدعوه لاستشفاف هذه الملامح أتته كلمات الرئيس فى معرض زيارته واضحة لا تحتمل تأويلاً: (إذا كانت السعودية لمشروع أهل السنة والجماعة راعية فإن مصر لهذا المشروع حامية)؛ وأتت من بعدها زيارته الإفريقية لتكمل رؤية صانع القرار للدوائر الإستراتيجية المحتملة للسياسة المصرية الخارجية.. لكن الرؤية اختلت كثيرًا بالإصرار على زيارة إيران بحجم تمثيلٍ دبلوماسى رفيع المستوى يترأسه زعيم مصر بعد الثورة.. إصرارٌ يحمل علامة استفهامٍ مؤرقة عن أهمية الزيارة وتقديرنا للدولة المضيفة.

فلننحِ جانبًا فكرة حتمية الذهاب من الناحية البروتوكولية؛ إذ يكفى فى ذلك وزير الخارجية أو حتى من هو أقل منه منصبًا للقيام بهذا الدور؛ التوقيت غير مناسبٍ بالمرة لعدة اعتبارات يأتى فى مقدمتها أن إيران هى الأكثر شراسة واستماتة فى الدفاع عن نظام (بشّار) فاقد الشرعية؛ تثبيتًا للقوس الفارسى الخصيب أن تنفلت منه أحد أهم حباته؛ ولولاها لسقط منذ زمنٍ بعيد؛ وإيران تسعى لاستغلال فرصة قمة عدم الانحياز لكسر العزلة السياسية المفروضة عليه؛ وهى أحد أهم أوراق الضغط المتوافرة لإسقاط النظام السورى فكيف نساهم فى مداواة جراحها؟

إيران التى دأبت على دسِّ أنفها فى شئون دولٍ كثيرة لن تكون سوريا آخرها.. تصدير المد الشيعى الذى يجرى على قدمٍ وساق فى طول إفريقيا وعرضها وفى القلب منها مصر- أكبر دول العالم الإسلامى – هواية عند النظام الإيرانى؛ العبث بأمن الخليج العربى ورقة ابتزاز يلوح بها من حينٍ لآخر؛ العراق الذى مثَّل صمام أمانٍ وبوابة شرقية للأمة العربية والإسلامية أصبح كلأً مستباحًا للاستخبارات الإيرانية تعيث فيه فسادًا؛ الدعم اللوجيستى والعسكرى للحوثيين فى اليمن؛ إثارة القلاقل فى البحرين والتصريح الدائم المستفز أنها أحد ولايات الدولة الفارسية؛ التحرش الدائم بالإمارات العربية واحتلال جزءٍ من أراضيه؛ وأخيرًا تصدير أزمة النظام السورى فاقد الشرعية إلى لبنان لتندلع مواجهات أبناء الوطن الواحد من جديد.

والذين يدافعون عن الزيارة باعتبارها ردًا على التهديدات الإسرائيلية بضرب طهران حجتهم داحضة؛ لأن الحرب الوحيدة التى يمكن أن تنشب بين إيران والصهاينة لا تتجاوز بأى حال معارك إعلامية كلامية تتجدد فصولها المملة من وقت لآخر وترتفع سخونتها حسب رغبة كل فريق لتحقيق مكاسب يرجوها إما عن طريق ابتزاز شعبه أو لكسب مساحةٍ أكبر من التأثير والنفوذ؛ وغاية ما هنالك أن تُحرك إيران وقتما يحلو لها (حزب الله) مخلب القط الذى تحتفظ به فى الجنوب اللبنانى؛ وأبرز الأدلة على هذا التحليل تصريحات بيريز الأخيرة أن إسرائيل لا تستطيع وحدها توجيه ضربة عسكرية لإيران أشبه بكابح الجماح (الفرامل) التى تعيد الفريقين إلى مضمار السباق من جديد..

وأسخف من ذلك توهم إمكانية الضغط على الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب بزيارة كهذه؛ ولو أردت عودةً إلى الوراء لتدرس بعمقٍ أكثر طبيعة العلاقات الإستراتيجية الأمريكية الإيرانية- وطالما أن الولايات المتحدة أحد طرفى العلاقة فإن ذلك يعنى إسرائيل بصورةٍ ضمنية – فمازالت ذاكرة التاريخ تحفظ فى سجلاتها السوداء كلمات على أبطحى، مساعد الرئيس الإيرانى الأسبق محمد خاتمى: (لولا مساعدتنا لها-لأمريكا يقصد- ما دخلت أفغانستان ولا العراق)؛ وهو نفس الأمر الذى أكده أيضًا الباحث الإيرانى محمد غلام رضا فى أعقاب فوز أوباما بانتخابات الرئاسة الأمريكية؛ بل أماط اللثام عما هو أكثر من ذلك بقوله: (إن الحوار بين إيران وأمريكا لم ينقطع، حيث إن طهران كانت فى حوار دائم مع واشنطن فى بغداد، كما أنها استلمت رسائل من أمريكا عبر السفارة السويسرية)؛ وعلامات غيرها كثيرة على (إستراتيجية) العلاقة الأمريكية الإيرانية.

ربما أراد الرئيس الضغط على الخليج العربى كله (باستثناء قطر التى تشير التوقعات إلى حضورها) عن طريق لعبة التوازنات واستخدام سياسة العصا والجزرة؛ لأن التلويح ولو من طرف خفى إلى التقارب المصرى الإيرانى سيمثل فزَّاعة ًحقيقية لمن لا يزال يشكك فى قدرة مصر تحت قيادة رئيس ينتمى إلى التيار الإسلامى؛ وسيدفع كل من تلكأ فى مساعدة البلاد أن تخرج من أزمتها الاقتصادية؛ لكن هذا الافتراض لو صح سيكلفنا الكثير؛ فى وقتٍ نحتاج معه لاستخدام أساليب الاحتواء والطمأنة أكثر من حاجتنا لاستخدام التهديد.

سيادة الرئيس.. لا نريد مد حبالٍ قوية للتواصل مع إيران فى الوقت الذى تكفينا فيه شعرة معاوية؛ وشتان بين الحبل السميك وبين الشعرة المهترئة.

 

صحيفة المصريون

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled