غد جديد
بقلم : خالد صلاح الدين
منذ ايام ناقش مجلس النواب مشروع قانون بالاذن لوزير المالية بمنح مصر للطيران قرضا بقيمة ٥ مليارات جنيه، والذى وجد بعض الانتقادات من عدد من النواب قبل الموافقة عليه فى النهاية..واظهرت المناقشات اعتراض عدد من النواب على استمرار خسائر مصر للطيران..ولكن الجميع فى النهاية طالب بدعم الشركة ومساندتها لتقديم خدمة تليق باسم مصر..خاصة وانها تعتبر رمزا للدولة المصرية..وعلينا جميعا مساندتها لتواصل مسيرتها التى بدأت عام ١٩٣٢ كأول شركة طيران فى افريقيا والشرق الاوسط وسابع شركة طيران على مستوى العالم.
ومن هنا وجدت ان هناك ضرورة ملحة للكتابة فى هذا الامر ليس دفاعا عن وزير الطيران او رئيس الشركة ولكن دفاعا عن مصر للطيران ومساندة لهذه الشركة العريقة..التى تحمل علم مصر وتجوب به مطارات العالم..
وفى البداية لابد ان نؤكد على بعض الثوابت والتى اتمنى ان يعرفها الجميع فى مقدمتها ان صناعة الطيران صناعة هشة جدا جدا تتأثر بمختلف العوامل والاحداث..بالاضافة الى انها صناعة قليلة الربحية لاتتجاوز ارباحها “0.6٪”.. وهى نسبة لاتلفت انظار المستثمرين ولا تعمل على جذبهم للدخول فى هذا المجال…
ومن هنا تعمل الحكومات فى مختلف دول العالم على مساندة شركتها الوطنية للحفاظ عليها وضمان استمرار تشغيلها.. وتختلف صور الدعم من دولة لاخرى..وان كان فى اغلب دول العالم يقدم دون الاعلان عنه.
&&&&&&&&&&
فاذا تحدثنا عن دول الخليج مثلا فسنجد ان حكومات هذه الدول تساند شركاتها بشكل واضح ولكنه غير معلن..فمنها من يقدم اعفاءات لشركة الطيران الوطنية من كافة الرسوم التى يجب على الشركة سدادها مقابل الخدمات التى تحصل عليها فى المطارات من ايواء وهبوط واقلاع وغير ذلك..بالاضافة الى الدعم غير المحدود فى الوقود.
وهى كلها بنود تساهم فى تقليل تكاليف التشغيل وتساعدهم على المنافسة..الى جانب الدعم غير المحدود فى تمويل التعاقد على صفقات طائرات جديدة..والتى تساهم فى التطوير المستمر للاساطيل وزيادة اعداد الطائرات..مما يتيح لهذه الشركات تشغيل رحلات اكثر ومد خطوط جديدة باستمرار للاستحواذ على نصيب اكبر من حجم حركة النقل الجوى العالمية للركاب والبضائع..وهو مايساهم فى تحويل مطارات هذه الدول الى مطارات محورية تعمل طوال الاربع والعشرين ساعة على نقل حركة الترانزيت.
&&&&&&&&&&
واذا عدنا لمصر للطيران فيجب ان نشيد بحرص الدولة على الحفاظ على هذا الاسم العريق الذى يحمل اسم مصر منذ مايقرب من تسعين عاما..خاصة وان ما مرت به الشركة وتعرضت له من ظروف استثنائية منذ احداث يناير ٢٠١١ اثر بشكل كبير على خططها الطموحة لزيادة اسطولها ومد خطوط جديدة…
وعندما بدأت الشركة فى الوصول الى مرحلة التوازن وايقاف نزيف الخسائر من خلال زيادة نسب الامتلاء على الطائرات بعد حالة الاستقرار السياسى والامنى..جاء فيروس الكورونا لتتوقف معه كل خطط التطوير بعد ان توقف التشغيل تماما فى ٢٠ مارس ٢٠٢٠ والذى استمر حتى الاول من يوليو..ليبدأ معها التشغيل بنسب امتلاء بسيطة لا تغطى تكاليف التشغيل.
وهو الامر الذى تعرضت له ايضا كل شركات الطيران على مستوى العالم وكبد شركات الطيران اعضاء الاتحاد الدولى للنقل الجوى”الاياتا” خسائر، العام الماضى بلغت ١٣٨ مليار دولار.. وانخفضت هذا العام الى ٥٢ مليار دولار..مع بداية عودة التشغيل تدريجيا الى طبيعته.
&&&&&&&&&&
ومصر للطيران لديها مصروفات ثابته تتمثل فى المرتبات التى تصل الى نصف مليار جنية شهريا..بالاضافة الى اقساط الطائرات الجديدة التى تسلمتها خلال العامين الماضيين وكذلك ايجار عدد اخر من الطائرات..مع ارتفاع تكاليف التشغيل..وقد ارجأت مصر للطيران تنفيذ خططها لزيادة حجم اسطولها الى ١٠٧ طائرة لحين عودة الامور الى طبيعتها فى ظل ازمة السفر التى لازالت تحاصر جميع شركات الطيران بسبب فيروس الكورونا..وما فرضه من اجراءات احترازية اصبحت تشكل عبئا على الراكب وتجعله مترددا فى اتخاذ قرار السفر.
ان كل ماتعرضت له مصر للطيران من خسائر بداية من ٢٠ مارس ٢٠٢٠ وحتى الان تعرضت له ايضا جميع شركات الطيران حول العالم..وقد حرصت الحكومات المختلفة على مساندة شركاتها الوطنية لعبور الازمة…
ولانها فعلا تستحق فهو مافعلته ايضا الحكومة المصرية..التى تتابع عن كثب كل ماتتعرض له مصر للطيران وتعمل على مساندتها لتعود الى طبيعتها وتبدأ من جديد فى تنفيذ خطتها الطموحه لتطوير وزيادة حجم الاسطول..وهو ما نتمنى ان يحدث فى اقرب وقت مع بداية محاصرة فيروس الكورونا وزيادة نسبة متلقى اللقاح على مستوى العالم.
لتعود من جديد حركة الطيران والسفر العالمية الى طبيعتها..وتحيا مصر .
[email protected]