Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

الأوضاع العربية المتأزمة فى القدس والعراق ولبنان تلقى بظلالها على ملتقى القاهرة للشعر العربى

سادت أجواء حزينة فعاليات وأعمال وكواليس ملتقى القاهرة الدولى للشعر العربى المقام حاليا فى القاهرة مقارنة بمؤتمر الشعر العربى الأول عام 1996 ، وذلك على الرغم من الحضور المكثف لشعراء عرب ودوليين من كافة ارجاء المعمورة ،، وظهر ذلك جليا عقب حفل الافتتاح ، والذى اتفقت كلماته الافتتاحية لغالبية المتحدثين على ضرورة الاهتمام بالشأن العربى ثقافيا وسياسيا كونهما وجهان لعملة واحدة ، خاصة مع توصيف البعض للشعر بأنه فى الأصل سياسة ، الأمر الذى ظهر بوضوح خلال الأمسية الشعرية التى شارك فيها الشاعر الفلسطينى محمود درويش والذى رفض التحدث للفضائيات او وكالات الأنباء أو الصحف عقب حفل الافتتاح .
وبعد انتقال الندوات والمحاور التى سيناقشها الملتقى الى القاعات بالمجلس الاعلى للثقافة ومسرح الهناجر ، ناقشت محاورها عناوين “حياتنا والشعر” و”الشعر والهوية الوطنية” ، وكان الحضور محدودا مما انعكس على الأمسية الشعرية الأولى للملتقى حيث لم تمتلئ نصف مقاعد قاعة مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية وغلب على الاحاديث داخل وخارج القاعة الشؤون الفلسطينية وأزمة الأقصى والوضع فى لبنان والعراق ، حيث يقول أحد المشاركين العرب أن الملتقى سياسى الروح ، فالسياسة جزء من الشعر والشعراء هم ساسة الشعر .

وانعكست الآية عندما جاءت الأمسية الثانية التى شارك فيها محمود درويش حيث غصت القاعة بالحضور بل ووقف العشرات فى الممرات الفاصلة فى القاعة للاستماع لدرويش ، حيث يخصص الملتقى أمسيتين شعريتين كل ليلة تبدأ أولاها الساعة السادسة مساء والثانية فى الثامنة مساء .

وألقى درويش الذى استقبل بعاصفة من التصفيق مجموعة من قصائده الشعرية من ديوانى “لا تعتذر عما فعلت” و”كزهر اللوز أو أبعد” كما ألقى قصائد جديدة لم تنشر بعد وكان هاجس الموت الذى تضمنته بعض القصائد كبيرا مما جذب اهتمام الجمهور إلى اختياراته.

ورفض درويش طلبات الجمهور فى الاستمرار بإلقاء قصائده بعد الـ20 دقيقة المخصصة له رغم اعتذار اثنين من الشعراء اللذين كانا من المفترض أن يلقوا قصائدهم قبله وهما المصرى حلمى سالم والعمانى سيف الرحبى فى حين ألقى اللبنانى بول شاؤول والسورية المقيمة فى باريس سلوى النعيمى قصائدهما قبله.
وأكد درويش أنه لا يريد التميز عن بقية الشعراء. وقد استهل الأمسية بقراءة قصيدة من ديوانه “كزهر اللوز أو أبعد” يقول مطلعها “كما لو فرحت-رجعت. ضغطت على جرس الباب أكثر من مرة- وانتظرت- لعلى تأخرت. لا أحد يفتح الباب لا نأمة فى الممر. تذكرت أن مفاتيح بيتى معي-فاعتذرت لنفسي.. نسيتك فادخل. دخلنا.. أنا الضيف فى منزلى والمضيف.”

ولأن الجمهور بدا وقورا كأنه يستقبل الشعر بشيء من الاحتراف فقد انتقل درويش إلى قصيدته “بقية حياة” ويقول فيها “اذا قيل لي.. ستموت هنا فى المساء-فماذا ستفعل فى ما تبقى من الوقت… أنظر فى ساعة اليد-أشرب كأس عصير-وأَقضم تفاحة-وأطيل التأمل فى نملة وجدت رزقها. ثم أنظر فى ساعة اليد-ما زال ثمة وقت لاحلق ذقني-وأَغطس فى الماء-أهجس.. لابد من زينة للكتابة-فليكن الثوب أزرق.أجلس حتى الظهيرة حيا الى مكتبي- لا أرى أَثر اللون فى الكلمات-بياض بياض بياض. أعد غدائى الاخير-أَصب النبيذ بكأسين.. لى ولمن سوف يأتى بلا موعد-ثم اخذ قيلولة بين حلمين-لكن صوت شخيرى سيوقظني. ثم أَنظر فى ساعة اليد-ما زال ثمة وقت لاقرأ-أقرأ فصلا لدانتى ونصف معلقة-وأرى كيف تذهب منى حياتى الى الاخرين- ولا أتساءل عمن سيملا نقصانها.. ـ هكذا .. ـ هكذا هكذا ـ ثم ماذا .. ـ أمشط شعرى وأرمى القصيدة-هذى القصيدة فى سلة المهملات-وألبس أحدث قمصان ايطاليا-وأشيع نفسى بحاشية من كمنجات اسبانيا-ثم أمشى الى المقبر.”

ولعل درويش الذى يعزف من فترة عن الكلام فى السياسة رأى أن تكون قصيدته فى القدس ختاما ملائما لجمهور لا يسعه الا الاستمتاع بالطرب.

وتقول القصيدة “فى القدس أعنى داخل السور القديم-أسير من زمن الى زمن بلا ذكرى-تصوبنى فان الانبياء هناك يقتسمون تاريخ المقدس- يصعدون الى السماء ويرجعون أقل احباطا و حزنا فالمحبة و السلام مقدسان و قادمان الى المدينة. كنت أمشى فوق منحدر وأقول.. كيف يختلف الرواة على كلام الضوء فى حجر.. أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب.. أسير فى نومي-أحلم فى منامي- لا أرى أحدا ورائي-لا أرى أحدا أمامي. كل هذا الضوء لي-أمشي-أطير-ثم أصير غيرى فى التجلي. تنبت الكلمات كالاعشاب من فم أشعيا النبوي.. ان لم تؤمنوا لن تأمنوا.

“أمشى كأنى واحد غيري- و جرحى وردة بيضاء انجيلية-ويدى مثل حمامتين على الصليب تحلقان وتحملان الارض-لا أمشي- أطير-أصير غيرى فى التجلي-لا مكان ولا زمان-فمن أنا.. أنا لا أنا فى حضرة المعراج. لكنى أفكر.. وحده كان النبى محمد يتكلم العربية الفصحى. وماذا بعد.. ماذا بعد .. صاحت فجأة جندية.. هو أنت ثانية..-ألم أقتلك.. قلت.. قتلتني-ونسيت مثلك أن أموت ” .

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله