افتتح الرئيسان حسني مبارك و جاك شيراك معرض ” الاثار المصرية الغارقة ” في 9 ديسمبر 2006 و الذي يستمر حتى 16 مارس 2007 المقبل بمتحف لو جران باليه او القصر الكبير بقلب العاصمة الفرنسية باريس و الذي يعتبر أكبر متحف للحضارة فى العالم ليكلل جهود استمرت عشرة سنوات من البحث و التنقيب في منطقة الميناء الشرقي بالاسكندرية و التي تتجسد في 500 قطعة اثرية .
يمتد المعرض علي مساحة 3 آلاف متر مربع من مساحة متحف لو جران وتمتلأ ممرات المعرض بصور ضخمة لقاع البحر مرتبطة بالاماكن التي وجدت فيها الاثار المعروضة.. , كما تم تخصيص ألف متر مربع استراحة للزائرين. أما سقف المعرض فمغطي بزجاج يسمح بدخول الضوء وبجانب كل قطعة اثرية توجد وسائل لشرح تاريخ هذه القطعة باللغتين الانجليزية والفرنسية. و يشمل المعرض جناح لمكتبة الاسكندرية يضم أربع شاشات عرض يقدم من خلالها لزوار المعرض شرح تفاعلى ثلاثى الأبعاد عن مكتبة الاسكندرية القديمة ومراحل أحياء المكتبة الجديدة ورسالتها الثقافية والعلمية على مستوى العالم. كما يشمل الجناح عرض شرحا وافيا حول مشروع “وصف مصر” بإعتباره من أعظم وأكبر المشروعات الرقمية لمكتبة الأسكندرية ، وعرض لمجموعة من الوثائق الكاملة الخاصة بقناة السويس .
ورغم الإقبال الهائل علي حجز تذاكر زيارة المعرض الذي يتوقع أن يزوره أكثر من مليون شخص في باريس إلا أن منظمو المعرض لم يسمحوا بدخول أكثر من 2500 شخص للزيارة في وقت واحد وذلك لإمكانية احكام السيطرة الأمنية والحفاظ علي الآثار والزائرين معاً. وقد حرص لو جران باليه على اقامة “بوتيك” على هامش المعرض لبيع صور للاثار المعروضه به كما اعد موقعا لحجز التذاكر على شبكة الانترنت و التى تباع مقابل 12 يورو للفرد و10 يورو للمجموعات الى جانب تذاكر عائلية للاب والام وطفلين نظير 33 يورو .
يضم المعرض قطعا تم انتشالها من آثار كليوباترا السابعة في منطقة قصور ومعابد الميناء الشرقي ومدينتي “هيراكليوم ومينسوتس” الغارقتين في أبوقير و يرجع تاريخ بعضها الى ألفى عام ، ومن أهم القطع :
تمثالا ضخما للاله حابى.. اله فيضان النيل ورمز الخصوبة من الحجر الوردي والذي يبلغ ارتفاعها بعد تجميعها حوالي 6 , تمثالين عملاقين طول الواحد منهما خمسة امتار كانا بمعبد أمون وينتميان الى العصر البطلمى وهما من الجرانيت الوردى, تمثال للاله سيرابيس حاملا زيوس واوزيريس
, تمثال إيزيس من البازلت الأسود, لوحة حجرية عليها تقويم مصرى قديم , لوحة هيراكليوم من البازلت الأسود والتي يبلغ ارتفاعها حوالي مترين , مجموعة من تماثيل أبي الهول المنقوشة مختلفة الأحجام
, رؤوس الملوك والملكات البطالمة, مجموعة من الحلي والأواني البرونزية , جزء من ناووس لمعبد هرقل.
كما إن مكتبة الإسكندرية تشارك في هذا المعرض الكبير والهام من خلال 31 قطعة أثرية نادرة من مقتنيات متحف الآثار التابع للمكتبة. و تم تخصيص جناح خاص بالمعرض لمقتنيات المكتبة بالإضافة إلى تخصيص 4 شاشات عرض لزوار المعرض تشرح بالصوت والصورة تاريخ القطع الأثرية ومكتبة الإسكندرية القديمة ورحلة وبناء المكتبة الحالية ورسالة المكتبة الثقافية والعلمية انطلاقا من أرض الحضارات مصر ومن الإسكندرية عروس البحر المتوسط .
تمثل الكنوز المصرية الغارقة آثارا وعجائب تنتمى الى 15 قرنا انتشلت من ثلاثة مواقع تحت سطح البحر من خليج ابوقير وميناء الاسكندرية بعد ان غمرتها مياه البحر المتوسط بفعل الظواهر الطبيعية.
هذا و في عام 1961 بدأ التعرف على آثار الإسكندرية الغارقة بمنطقة الحي الملكي عندما اكتشف الأثري الراحل والغواص المعروف كامل أبو السعادات كتلا أثرية غارقة في أعماق البحر بمنطقة الميناء الشرقي أمام كل من لسان السلسلة وقلعة قايتباي. و في عام 1962 أدلى كامل أبو السعادات عن وجود تماثيل ضخمة وعناصر أثرية أخرى شاهدها تحت الماء فقامت مصلحة الآثار وقتها بمعاونة القوات البحرية وللمرة الأولى بشكل رسمي بانتشال تمثال من الجرانيت لرجل يرتدي عباءة تغطي معظم بدنه ويبلغ طوله 170 سم . اما في عام 1968 طلبت الحكومة المصرية من منظمة اليونسكو معاونتها في عمل خريطة للآثار الغارقة بمنطقة الميناء الشرقي تحت الماء فأرسلت غواصة عالمية تمكنت في عام 1975 من وضع خريطة للآثار الغارقة في حوض الميناء الشرقي أصبحت مرجعاً للعمل في تلك المنطقة . الي ان جاء عام 1992 فقامت بعثة معهد بحوث أوروبا للبحار برئاسة فرانك جوديو خبير الكشف عن الآثار الغارقة بالعمل في كل من منطقتي أبي قير والميناء الشرقي وقد تمكن بفضل خبرته وتقدم أجهزته ورصد وتحليل البيانات التي حصل عليها من الكشف عن الكثير من الأسرار الغامضة لآثار الإسكندرية الغارقة.
وفي عام 1996 تم إنشاء إدارة للآثار الغارقة بالإسكندرية تابعة للمجلس الأعلى للآثار لأول مرة وتضم مجموعة من الأثريين المصريين برئاسة الأثري إبراهيم درويش رائد الغوص في أعماق البحار .
ويتم حالياً دراسة إنشاء أول متحف للآثار الغارقة في مدينة الإسكندرية وتم إختيار منطقة الميناء الشرقي لإقامته ليكون أول متحف للآثار الغارقة في العالم وسيتم إنشاؤه بالتعاون بين منظمة اليونسكو ووزارة الثقافة المصرية متمثلة في المجلس الأعلى للآثار و سيقوم متحف الآثار الغارقة بعرض قيم تراثية وثقافية نادرة وصورة من صور بهاء الحضارة المصرية عبر العصور، إذ قامت الحكومة المصرية بالتعاون مع اليونسكو بدعوة خبراء مصريين ودوليين للجلوس والتحاور حول كافة المجالات الخاصة بإنشاء المتحف وما يتمخض عنه من توصيات ستكون الأساس العلمي لتحقيق هذا الحلم الذي تصل تكلفتة الى 135 مليون جنيه.
ومن جانبه, اقام زهير جرانة وزير السياحة المصري ليلة مصرية سياحية علي هامش معرض الآثار المصرية الغارقة, اتسمت بالرقي والدقة في التنظيم وحضرها نحو300 وكيل سياحي, بالاضافة الي عدد كبير من الشخصيات العامة ومنها الامبراطورة فرح ديبا زوجة شاه ايران, بطرس غالي, الفنانة ليلي علوي, الفنانة كاترين دينيف. وقد استغل وزيرالسياحة الفرصة لعقد عدة لقاءات مع منظمي الرحلات ومع وزير السياحة الفرنسي ليون برتران لبحث اوجه التعاون في المجالات السياحية المختلفة, بعد فترة انخفاض شهدتها حركة السياحة الفرنسية خلال السنوات الثلاث الماضية.
و من جانب اخر, اوضح احمد الخادم, رئيس هيئة تنشيط السياحة انة قد قام بعدة لقاءت مع القائمين علي الحملة الدعائية لمصر من شركة دي دي بي لبحث المرحلة الثانية من الحملة التي ستبدا في مارس المقبل و التي تقوم بالتركيز علي عنصر تكرار الزيارة و الذي يمثل احد اهم التحديات في الفترة المقبلة,. و اضاف الخادم, انة يتم حاليا الاعداد لفيلم تسجيلي جديد مدتة حوالي دقيقتين ليركز هذة المرة علي الاثار المصرية , و سيتم استغلال الحدث الخاص بالمعرض للاعداد لحملة اخري بعنوان Alexander The Great..كما ان الموقع الالكتروني الخاص بمصر سيكون متوفر قريبا ب 13 لغة بدلا من 6 حاليا و منها اللغة اليابانية .
هذا و لقد اوضح ناصر كامل, سفير مصر لدى فرنسا بأن السفارة تبذل جهودا حاليا لتنشيط الحركة السياحية للفرنسيين إلى مصر بعد الانخفاض الذي شهدته فى الفترة الماضية ووصلت نسبته إلى 17% بفعل متغيرات متنوعة .
وقال السفير كامل على هامش إقامة معرض الآثار المصرية الغارقة والمقام حاليا فى باريس أن الفترة المقبلة ستشهد أكبر حملة ترويج للسياحة المصرية فى فرنسا وخاصة فى أشهر شوارع فرنسا والعالم “الشانزلزيه” حيث سيتم تعليق الملصقات التي تدعو إلى زيارة مصر وتبين المواقع الأثرية والسياحية فى مصر إلى جانب توفير دعاية مماثلة فى محطات المترو وأجهزة ووسائل الإعلام الفرنسية المختلفة.
وأضاف..ان الحملة الدعائية عن مصر ستركز على الجانب الثقافي خاصة على ضوء حالة “الولع” الذي كشف عنها معرض الآثار المصرية الغارقة المقام حاليا فى القصر الكبير بباريس وأكدها الرئيس الفرنسي جاك شيراك أثناء افتتاحه والرئيس حسنى مبارك للمعرض عندما أشار إلى قيمة الدور الثقافي لمصر وهو ما يعزز أهمية هذا الدور الذي يمكن أن تلعبه الثقافة فى تنشيط الحركة السياحية الفرنسية لمصر.
هذا و تستمر جولة معرض الاثار المصرية الغارقة كما يقول فرانك جوديو منظم المعرض بين عدة متاحف في اوروبا حيث سيعود الي المانيا مرة اخري ولكن هذه المرة الي بون ليقضي بها عدة شهور ينتقل بعدها الي مدريد قبل ان تعود بعد عامين من بداية رحلتها الي حيث تستقر نهائيا في مصر في معرض يخصص لها.