Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

باحثون تاريخيون يُحذِّرون: آثار مُدمَّرة ومُغيَّبة قد تنسف تاريخ البحرين

باحثون تاريخيون يُحذِّرون: آثار مُدمَّرة ومُغيَّبة قد تنسف تاريخ البحرين

 

وجّه باحثون بارزون، نقداًً لاذعاً لأداء هيئة البحرين للثقافة والآثار، تحديداً فيما خص أعمال التنقيب عن الآثار.

 

وخلال حديثهم إلى «الوسط»، أجمع الباحثون في الملف الذي سيُنشر تباعاً اليوم وغداً، على القول إن البحرين تفتقر للاستراتيجية الخاصة بالتنقيب عن الآثار، الأمر الذي أدى إلى ارتكاب أخطاء فادحة بحق تاريخ البحرين، شملت التأكيد على تدمير الكثير من آثار الحقبة الإسلامية، وعدم منح الحقبة المسيحية كامل حقها.

 

«الوسط» تفتح الملف… و«البحرين للثقافة والآثار» الغائب الحاضر

 

باحثون بارزون: أعمال التنقيب في البحرين تعـــادل التدمير… وأكثر من نصف الآثار مُغيَّبة

 

طالب باحثون بارزون، هيئة البحرين للثقافة والآثار، بالمسارعة إلى وضع استراتيجية وطنية للتنقيب عن الآثار في مملكة البحرين، وإنجاز مسح علمي شامل، تمهيداً للخروج بخارطة شاملة للمواقع الأثرية.

 

الباحثون، وهم: رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين، الباحث عبدالعزيز صويلح، الباحث حسين الجمري، والباحث جاسم آل عباس، وجهوا نقداً لاذعاً لهيئة البحرين للثقافة والآثار، متضمناً التأكيد على تواضع أعمال التنقيب، والإشارة إلى أن أكثر من نصف آثار البحرين لاتزال تحت الأرض.

 

أبعد من ذلك، قال الباحثون: إن أعمال التنقيب التي شهدتها البحرين خلال العقود الفائتة، تعادل أعمال التدمير، نظراً لهيمنة العنصر الأجنبي، ولعدم الاكتراث بآثار الحقبة الإسلامية.

 

وتوافق حديث الباحثين، بشأن «قيمة المكتشفات المخزونة لدى الهيئة بصورة غير لائقة، والمركونة دون توثيق ودون تسجيل، والتي قد تنسف تاريخ البحرين تماماً وتضع تصوراً جديداً للمراحل التاريخية»، مع أحدث الاكتشافات الأثرية التي توصلت إليها الهيئة، تحديداً في نهاية مايو/ أيار الماضي، حين أعلنت عن عثور بعثة التنقيب الفرنسية في البحرين على لوحة مسمارية نادرة في موقع تنقيب قلعة البحرين، تعود إلى العام 504 ق.م، وهي عبارة عن عقد رسمي مصنوع من التمور للحصول على قرض.

 

الجمري: تخلصوا من الآثار الإسلامية للوصول لحضارة دلمون

 

تحدث الباحث التاريخي حسين الجمري عن ما أسماه «مظلومية الحقبة الإسلامية»، في إشارة منه لعدم منح الآثار التاريخية للحقبة الإسلامية حقها في التوثيق والحفظ.

 

الجمري، ذهب إلى أبعد من ذلك، تحديداً حين قال: «لأن اهتمام أعمال التنقيب انحصر في البحث عن آثار حضارة دلمون، فقد تمت التضحية بالآثار أو الطبقات الإسلامية، والتي تمت إزالتها دمن ون أي توثيق أو حفظ، وكانت أي حجر عثرة في عملية التنقيب يتم التخلص منها، وعلى هذا الأساس فإن بعض المناطق لا وجود لها إلا في الصور، فأين ذهبت؟».

 

وأضاف أن «الجواب على ذلك، هو أن آثار هذه المناطق أزيلت للوصول للطبقات السفلى، وعلاوة على ذلك، فإننا في البحرين لا نمتلك التقارير الواضحة عن الآثار الإسلامية في البحرين، لا بل إن القائمة بهذه الآثار غير موجودة، على رغم الإشارات التي تدلل على ضخامتها من حيث العدد».

 

ورفض الجمري الحديث عن أعداد لهذه الآثار ولو تقريبية، مرجعاً لذلك لعدم حصرها وهذا بدوره يفرض على البحث التاريخي العلمي والدقيق تحاشي ذكر الأرقام، وخاصةً أن هنالك العشرات من هذه الآثار التي لم تحصَ بعد.

 

وفيما يتعلق بحجم الخسائر جراء ذلك، قال: «المدينة الإسلامية الموجودة في موقع قلعة البحرين، أزيلت من أجل الوصول للمدن الدلمونية، وفي أفضل الأحوال قد لاتزال المدينة بالكامل ولكن بشكل جزئي، وهذه خسارة فادحة تضاعفت حين تمت الإزالة من دون إعطاء هذه الطبقات الإسلامية حقها من الدارسة، فكان لزاماً على أعمال التنقيب، توثيق هذه الطبقات ونشرها قبل الانتقال للطبقات التي في أسفلها».

 

وأضاف أن «هذا يفسر لنا السبب في طباعة التقارير الخاصة بالمواقع الإسلامية في فترات متأخرة، والفضل في ذلك يعود لجهود شخص واحد هو «لارسن» الذي اهتم بهذه الآثار ووثقها في كتاب عمل عليه في بداية الثمانينيات، ولايزال كتابه المرجع الوحيد للآثار الإسلامية».

 

وعن الدافع وراء التضحية بالآثار الإسلامية، قال: «عدم الاهتمام هو السبب، فلم يأتِ للبحرين باحث أو بعثة وهذه الآثار على سلم اهتماماتهم، عدا البعثة البريطانية التي نقبت في منطقة واحدة ممثلة في مسجد الخميس وما حوله».

 

وشدد الجمري على ضرورة تصحيح بعض المعلومات التاريخية الخاطئة والخاصة بالحقبة الإسلامية، مبيناً أن «منطقة شارع البديع لا تقل أهمية عن مسجد الخميس، إن لم تكن هي الأهم، وقد تتفوق في ذلك وتتصدر، على اعتبار أن الكثير من آثار منطقة شارع البديع قد أزيلت من أجل إنشاء هذا الشارع، ولتطمس بذلك الكثير من الآثار التي لا توجد معلومات تفصيلية بشأنها».

 

وأضاف «علاوة على ذلك، هنالك آثار إسلامية في منطقة شارع البديع لم تدرس ومن بين ذلك مناطق متعددة، ولنأخذ على سبيل المثال المنطقة المحصورة ما بين القلعة والحلة، يوجد كم كبير من الآثار الإسلامية التي لم ينشر عنها أي شيء حتى الآن، على رغم أن اكتشافها تم منذ عقد الأربعينيات، وبجانب ذلك فإن أغنى منطقة بالآثار الإسلامية تتركز في المنطقة الممتدة من قرى باربار باتجاه الدراز، ومقابة والرويس، وصولاً لقرية سار، وللأسف فإن جزءاً كبيراً من آثار هذه المنطقة قد اختفى».

 

وتابع «على رغم أن الحديث هنا يتم بعجالة، إلا أن ذلك لا يعني تجاهل منطقة المرخ، وتحديداً القنوات (الثقب) والتي تم تدميرها قبل دراستها، وهي تمتد من المرخ باتجاه القرية والجنبية وسار، وهي موجودة كذلك في قرى المنطقة الغربية بما في ذلك كرزكان والمالكية وصدد».

 

واستدرك «من المهم التنويه هنا إلى أن حديثنا هذا لا يعني أن بقية القرى أو المناطق بلا آثار، لكننا نركز حديثنا على منطقة شارع البديع بسبب ضخامة الآثار فيها والتي لم تنل نصيبها من الدراسة».

 

وفيما يتعلق ببقية مناطق البحرين، قال: «في المحرق تم التنقيب، وتم العثور على آثار تعود لفترات إسلامية مبكرة جداً، أقدم من الطبقات الموجودة في جزيرة البحرين الكبرى، وقد تحدثت عن ذلك البعثة البريطانية في تقرير منشور».

 

وخلص الجمري إلى التأكيد أن هذا الإرث الحضاري هو دليل دامغ على عظمة الأجداد، موضحاً ذلك بالقول: «تبقى الآثار الإسلامية شاهداً على وجود حضارة للشعوب العربية، ونحن نتحدث هنا عن البحرين التي تدل الآثار فيها على وجود امتداد حضاري من حضارة دلمون وتايلوس وصولاً للحضارة الإسلامية، ويشهد على ذلك المدن التجارية التي بنيت والتي تتحدث عنها التقارير المنشورة، لتبرهن على وجود التجارة والاقتصاد، وتوجد هندسة معينة في طريقة بنائها، وللأسف الشديد فإن كل ذلك لا يوجد له إطار معين أو تفاصيل».

 

كما قال: «إن أقدم الآثار الإسلامية في البحرين تعود للقرن التاسع الميلادي، والعمارة الإسلامية في البحرين في هذه الحقبة، يعتقد أنها تأثرت بالعمارة في مدينة سامراء العراقية، عندما كانت هذه المدينة عاصمة للدولة العباسية في تلك الحقبة، ويستدل على ذلك بوجود الكثير من الفخار السامرائي في العديد من المناطق وخاصة في منطقة البلاد القديم وفي باربار وفي عالي، حيث يعتقد أن المدن الإسلامية التي أنشئت في هذه الفترة، قد تكون تأثرت بطريقة البناء في سامراء، وهذا بدوره يعطينا دلائل على تقدم العمارة في البحرين منذ الحقب الإسلامية المبكرة».

 

«التربية»: لا أخطاء في مناهجنا… ولا تجاوز لأية حقبة تاريخية

 

نفت وزارة التربية والتعليم لـ «الوسط»، وجود أية أخطاء في مناهج المواد الاجتماعية، التي تتضمّن كل حقب تاريخ البحرين منذ ما يزيد على خمسة آلاف سنة، موضحةً أنها تتعاون مع الباحثين المختصين في هذا المجال، وذلك عبر استشارتهم واقتناء مؤلفاتهم الأكاديمية لوضعها بين أيدي الطلبة والمعلمين والمشرفين التربويين واختصاصيي المناهج.

 

وقالت: «يكفي المتتبع أن يفتح كتاباً مدرسياً واحداً للمواد الاجتماعية ليلاحظ ما يحتويه من مستندات ومهارات وما يدعو إليه من تحليل ونقاش ونقد عبر الأنشطة المختلفة وخصوصاً في المرحلتين الإعدادية والثانوية».

 

وذكرت أن الوزارة تعطي الأولوية في علاقتها بالمعلمين للمرافقة والتدريب، قبل الرقابة، حتى يشتغلوا في جو خالٍ من التهديد من أجل تحقيق جودة التعليم وسعادة المتعلم.

 

وفي حديثها عن مناهج المواد الاجتماعية، نبهت الوزارة إلى ما تحتله هذه المناهج من مكانة مميزة ضمن المنظومة التربوية في مملكة البحرين؛ حيث تتوافر لها حصص وكتب مدرسية وأدوات تعلّم مرافقة بما يجعل حضورها بارزاً منذ الصف الأول حتى الصف الثاني عشر، ونوهت بحرص المشرفين التربويين والمعلمين على استعمال أفضل الاستراتيجيات وأكثرها تطوراً، وتركيزهم في مفاهيم المادة ومهاراتها والقيم التي تتضمنها لجعل حصص الدروس أكثر حيوية والمادة المعرفية، على رغم غزارتها، وأقرب إلى ذهن الطالب.

 

وأوضحت أن تلك المناهج تتضمّن تدريس كل حقب تاريخ البحرين منذ ما يزيد على خمسة آلاف سنة؛ وهي لا تهمل منها أية حقبة؛ بل تعود إلى العديد منها بحسب تقدّم العمر العقلي للطالب والمراحل الدراسية. وعقبت بأن «لم تترك الكتب الدراسية معلماً أو مأثرة أو ثروة من مملكة البحرين إلاّ أوردت صوراً وبيانات عنه، وخصصت لذلك مفردات لا يخلو منها أي مقرر من مقررات المواد الاجتماعية حيث تتفاعل الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية لتأصيل الطالب في مجتمعه وبيئته».

 

كما أشارت الوزارة إلى أن الحاجة المجتمعية المتزايدة لدعم تنشئة الأطفال والشباب على القيم الوطنية، دفعتها لإعدّاد مشروع مناهج جديدة ستجعل تاريخ البحرين وحضارتها وجغرافيتها أيضاً أكثر حضوراً ضمن المقررات الدراسية. وجددت الحديث حول سعيها لإدماج المستجدات الأكاديمية المتفق حولها ونقلها إلى معارف مدرسية، ويتمّ هذا في كل المواد الدراسية وخصوصاً في ما يتعلّق بتاريخ البحرين وحضارتها.

 

وأضافت «بجانب ذلك، فإن مقررات التربية للمواطنة تدعم ما يتعلمه الطالب حول تاريخ البحرين وحضارتها ضمن مقررات المواد الاجتماعية، وتختص بعض مفرداتها بالتعريف بآثار البحرين وقواعد الحفاظ عليها والسلوك الفردي والجماعي الواجب من أجل ذلك. كما تتضمن مواد دراسية مختلفة، وخصوصاً التربية للمواطنة واللغة العربية والتربية الأسرية، معارف مبثوثة عن تاريخ البحرين وحضارتها».

 

وعبرت الوزارة عن توقعها أن الطالب وبعد دراسته لتاريخ البحرين وثقافتها، سيكون عارفاً بخصوصيات المجتمع البحريني الثقافية والتراثية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ودوره في المحافظة على هوية المجتمع وتراثه الحضاري وبالمميزات التاريخية والحضارية لمملكة البحرين، وبمعالم البيئة المحلية ومؤسساتها ومشكلاتها.

 

وفي السياق ذاته، أكدت الوزارة أن دروس تاريخ البحرين وحضارتها تساعد على اعتماد الموضوعية في النقد واكتساب طرائق لقراءة المستندات وتعزّز لدى الطالب قيم الانتماء لوطنه والمحافظة على منجزاته ومكتسباته والدفاع عنها، وتقدير دور المؤسسات في تعزيز قيم الحرية والديمقراطية والمساواة التي يؤكدها المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مع تقدير رموز الوطن وزعمائه عبر التاريخ.

 

وبينت أن هذه الدروس تدفع الطالب باتجاه الالتزام بالواجب تجاه النفس وتجاه الآخرين، واحترام التنوع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والحضاري، مشيرةً إلى أن تاريخ البحرين وحضارتها مفعمان بقيم العيش المشترك والتسامح والانفتاح، وكذلك العمل والاستقلالية والاعتماد على الذات من أجل الاندماج إيجابياً في المجتمع واعتماد الحوار كأسلوب تواصل.

 

ورداً على سؤال بشأن الأنشطة اللاصفية المقدمة للطلاب في سياق تعزيز ثقافتهم التاريخية، أجابت الوزارة بأنها «تنجز هياكل الوزارة المختلفة، بصفة منفردة أو بالتعاون مع وزارات أخرى في مملكة البحرين مجموعة من الأنشطة تتضمن كلياً أو جزئياً تاريخ البحرين وحضارتها».

 

وأردفت «لعلّ أهم تلك البرامج يتمثل في مهرجان البحرين أولاً، برنامج زيارة صرح الميثاق الوطني، برامج الرحلات المدرسية التي يقوم بها الطلبة إلى متحف البحرين الوطني أو بيت القرآن أو إلى مواقع أثرية ومؤسسات وطنية وإنتاجية، المسابقات المدرسية التي تتعاون المدارس على تنظيمها والفوز بها، والملصقات التعريفية التي تقام في موضوعات مختلفة مثل التعريف بالمناسبات الوطنية أو ترشيد الاستهلاك».

 

كما تطرقت إلى ما أعدته الإدارة المختصة، من دليل خاص اشتمل على بطاقات تعريفية بمواقع أثرية وبيوت وحرف ومؤسسات ضمن تاريخ البحرين وحضارتها، إلى جانب أدوات تنشيط وأساليب، يستنير به المعلم في تنظيم الرحلات المدرسية وتسييرها لما فيه خير ناشئة مملكة البحرين وازدهارها.

 

أمين: لا وجود لمؤسسة معنية بالآثار… ولا تنقيب للآثار المسيحية

 

قال رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين: «إن بدايات أعمال التنقيبات في البحرين تعود لبداية القرن الماضي، تحديداً في قبور عالي، وذلك بتكليف من قبل حكومة الهند البريطانية وبتشجيع ومساعدة من المتحف البريطاني، حيث تم التوصل في وقتها إلى وجود تاريخ وحضارة قديمة في البحرين».

 

وأضاف «بعض التنقيبات البسيطة أجراها بعض المعتمدين البريطانيين في البحرين حتى سنة 1932، حين جاءت البعثة الدنماركية لتعمل بحث بسيط ولتعود بعدها للدنمارك لإقناع بلادها بابتعاث مجموعة من المنقبين للبحث في آثار البحرين، وكانت الفكرة لديهم تتمحور حول البحث عن حضارة اسمها دلمون ذكرت في المراسلات أو «الأحكام» المسمارية في حضارة الأشوريين في العراق».

 

وتابع «بعد البعثة الدنماركية، جاءت عدة بعثات، من بينها الألمانية والعربية والإنجليزية والفرنسية واليابانية، وقاموا بالتنقيب في عدة مناطق في البحرين، لتصبح هنالك مناطق معروفة، منها موقع قلعة البحرين، باربار، عين أم السجور، مستوطنة سار، تلال عالي، تلال مدينة حمد التي أزيلت، وجزء كبير من تلال مدينة عيسى والتي أزيلت أيضاً».

 

وبيّن أمين أن الحديث هنا بشأن حضارة دلمون وتايلوس، بما في ذلك الفترة الهلنستية التي هي فترة الإسكندر حين قدم للشرق اختلطت حضارة اليونان بحضارة الشرق فسميت بالفترة الهلنستية، ولم يقم أحد بالتنقيب عن الآثار المسيحية في البحرين رغم مسمى وجود سماهيج والدير ومسجد الراهب، ومسمى عراد الذي أطلقه اليونانيون على هذه المنطقة.

 

كما أكد أمين أن الآثار الإسلامية هي الأخرى نالها تنقيب بشكل بسيط، قليل في شارع البديع وقليل في عالي بالقرب من مجمع الرملي.

 

وأضاف «يذكر «جورن» في مذكراته أنه عثر على حجر في المدرسة الداودية في البلاد القديم، تحديداً في جدران أحد المساجد، فقال لملا المسجد إن هذا الحجر لعبدة النار، فأخذه من عنده مقابل عدد من الروبيات، وحين عاين مكان الحجر في الجدار وجد ما هو مكتوب عليه ففك الرموز، فكانت العبارة (هذا…، خادم الإله…). وهذا يعني أن البلاد القديم موقع أثري مهم، حيث كانت حاضرة أو كانت عاصمة، حتى بنيت بلدة البلاد القديم دون تنقيب عن الآثار فيها».

 

وتابع «كذلك، فقد وجدت آثار البحرين بالقرب من جبل الدخان وموقع شجرة الحياة وفي السوق في شارع الشيخ عبدالله، وبالقرب أيضاً من مشهد الشيخ ميثم في أم الحصم، والمشكلة أن كل التنقيبات التي شهدتها البحرين وبصورة عامة، نفذت من قبل بعثات أجنبية، جاءت لتبحث عن حلقة مفقودة في دراساتها لتضيفها إليها، بل إن جميع المطبوعات أو المنشورات عن آثار البحرين، أو على الأقل الغالبية منها، كتبت باللغة الأجنبية سواء الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو حتى اليابانية».

 

وانتقد أمين غياب المؤسسة المعنية بحماية الآثار، وقال «لم تشكل في البحرين مؤسسة تعنى بآثار البحرين وتدوينها وإجراء عملية مسح شاملة لها، إلى جانب المحافظة عليها أو حراستها، أو تشجيع العمل الأكاديمي في مجال الآثار في البحرين أو تشجيع فرق التنقيب المحلية لمواصلة عملها».

 

وذكر أن أخذ القبور المتبقية والتي لم تنقب بعين الاعتبار، قد يكون متناغماً مع الرأي القائل بأن أكثر من 50 في المئة من آثار البحرين لاتزال تحت الأرض، ويبقى الرأي محل تساؤل في ظل اعتقاد بأن المناطق جميعها انتهت عدا موقع قلعة البحرين، وربما البلاد القديم، منبهاً إلى أن البعثة الفرنسية اكتشفت مؤخراً ألواح مسمارية في موقع قريب من قلعة البحرين، وحتى الآن لم يتم فكّها إنما تدل على وجود إدارة حول القلعة ومراسلات.

 

في السياق ذاته، نوه أمين إلى أن ما تحت الأرض هو مخفي، ولا أحد يعرف مقدار نسبته، لذلك علينا المحافظة على ما هو فوق الأرض.

 

وفيما إذا كان أمين يطلق نداءً بضرورة تدشين خطة وطنية لإنقاذ هذه الآثار، قال «أطلقت نداءات واستغاثات، وما أزال أرى أن الوقت لم يفُت، في حال وجدت الإرادة الحقيقية للمحافظة على الآثار، والقصد من ذلك لا يقتصر على وضع سلك شائك وتعيين حارس غير بحريني، فهذه ليست محافظة».

 

وأردف «المحافظة على الآثار تتحقق عبر إجراء مسح ورصد ورسم، وتحويلها لمعلم أثري، وإذا كنّا نتحدث عن السياحة، فهذه هي الموارد التي يمكن توظيفها واستثمارها».

 

ورداً على السؤال عن تأوهاته غير الخافية بين طيات حديثه، قال أمين «نحن نتحدث باستمرار عن الإهمال الواقع على آثار البحرين، والكثير منها دمر وتحول لملكيات خاصة».

 

آل عباس: «الجمريون» نائمون على كنوز أثرية

 

طالب الباحث التاريخي جاسم آل عباس، بخطة لإنقاذ ما تبقى من آثار، مشدداً على ضرورة قيام هيئة البحرين للثقافة والآثار بذلك وخاصة في هذه الفترة التي تشهد زحفاً معمارياً يطال المناطق الأثرية.

 

وأضاف «أهمية هذه الخطة تتمثل في أنها ستدفع بالهيئة لمباشرة أعمال التنقيب في المناطق المهددة بالبناء والجرف والعمارة، مبيناً الحاجة للجدية في ذلك ولأن لا تكتفي التنقيبات بالعمل الموسمي، فالكثير من المناطق وخلال السنوات العشرين الماضية، قد شهدت تمدداً عمرانياً، وهذا بدوره أدى لخسارة الكثير من الآثار الواقعة في الكثير من المناطق بما في ذلك القرى التي يتوجب على التنقيبات عدم تجاهلها، وخاصة القديم منها، فقرية كرامة مثلاً، استخرج من محيطها كثير من الآثار التي يعود بعضها لفترة هرمز (600 سنة) والبعض الآخر للدولة العيونية.

 

وأضاف «على غرار ذلك، لابد من خطة بجدول زمني يساهم في تدارك المناطق الأثرية المهددة بالزوال».

 

وعن الجهود الأهلية في هذا الصدد، قال آل عباس: «لا يوجد ترخيص للقيام بأعمال التنقيب، وهنا لا ضير في اقتراح فتح المجال للأهالي للتنقيب، على أن يتم ذلك برعاية الهيئة، وهو ما سيسهم في تفعيل شعار الشراكة مع الجانب الأهلي».

 

وبخصوص المواقع الأثرية، تطرق آل عباس إلى ما يجري من تنقيب في قرية جد الحاج، ومتناولاً المنطقة المحيطة بقلعة البحرين بالقول «هذه المنطقة ترتفع على تل، وقد نقّب فيها وتم العثور على مدن في باطنها، من بينها المدينة التجارية لدلمون، والتي تم عمل مجسات لها ليكتشف في أسفلها جدران كثيرة، والأمر ذاته في تحت بيوت قريتي الحلة والقلعة، وذلك دليل على أن هذه المنطقة كانت مسكونة، وآثارها تعود لفترات مختلفة، من بينها دلمون وتايلوس والفترة الإسلامية.

 الوسط البحرينية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله