اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

المواطنة والعوالم الافتراضية ومستقبل المعرفة في جلسات مؤتمر (مستقبل المجتمعات العربية)

الإسكندرية "المسلة" ….. شهد اليوم الثالث من مؤتمر "مستقبل المجتمعات العربية.. المتغيرات والتحديات" والذي تنظمه وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، في الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر الجاري، ثلاث جلسات متوازية، تحدث خلالها عدد من الباحثين والخبراء المصريين والعرب.


جاءت الجلسة الأولى بعنوان "العوالم الافتراضية ومستقبل المجتمعات العربية"، وتحدث خلالها كل من الدكتورة هبة جمال الدين؛ مدرس السياسات العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور جوهر الجموسي؛ أستاذ محاضر للتعليم العالي في علم الاجتماع بجامعة منّوبة في تونس، وإيهاب خليفة؛ رئيس وحدة متابعة التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.


وتحت عنوان "المجتمع المدني الافتراضي وسيناريوهات المستقبل: الحالة المصرية"، تحدثت الدكتورة هبة جمال الدين حول دور الفضاء الافتراضي بالمنطقة العربية عامة ومصر خاصة في إسقاط وتغيير النظم السياسية التقليدية إبان ثورات الربيع العربي. وقالت إن المجتمع المدني الافتراضي هو مجال بديل موازي للواقع اجتمع اعضائه على المنفعة المتبادلة عبر خلق ساحة من التعاون القائم على تبادل المعلومات بحرية، على عكس المجتمع المدني التقليدي الذي يهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة وفقًا لإطار قيمي ينظمها.


وقدمت دراسة قسمت فيها المجتمع المدني الافتراضي في مصر إلى خمسة تصنيفات رئيسية؛ هي طبيعة المؤسسة الافتراضية، القناة الافتراضية المستخدمة، المدى الزمني والمكاني، القضايا محور الاهتمام، ودور المجتمع المدني الافتراضي في صنع السياسة العامة في مصر. وأشارت إلى أن المجتمع المدني الافتراضي لعب دورًا واضحًا خلال عملية الانتقال الديموقراطي في مصر خاصة مع بدء ظهور المدونات في نهاية التسعينات ومطلع الألفية الثانية، وزاد دورها بشدة خلال الفترة السابقة لثورة 25 يناير.


فيما ألقى الدكتور جوهر الجموسي كلمة بعنوان "الإنترنت والديمقراطية التشاركية في المجتمع العربي: الحقيقة والوهم"، وقال إن السياسة انتقلت إلى الفضاءات الافتراضية ليصبح الحديث ممكنًا عن قوى حزبية افتراضية ناشئة، وقوى سياسية افتراضية صاعدة تستند في الغالب إلى خفاء الاسم ومجهولية الهوية، ما أفرز شكلًا جديدًا من الديمقراطية التشاركية أو ديمقراطية الاقتسام، وأن المجتمع السياسي تسرب داخل تنظيمات المجتمع المدني عبر الإنترنت لإخفاء عجزه السياسي وغياب برامجه وعدم قدرته على التأثير في عموم المواطنين وجذبهم للانضمام إليه.


وأشار إلى أن إشكالية الإنترنت والديمقراطية التشاركية في المجتمع العربي بين الحقيقة والوهم ثنائية قد تكون منتجة لديمقراطية حقيقية أو "وهم ديمقراطية" اذا ما اعتبرنا خلفياتها وآثارها السلبية، بدءًا من الانقطاع عن الواقع، وانتهاءً بتستر الجماعات الإرهابية بالإنترنت واستقطاب الشباب لهذه الجماعات المدمرة، لافتًا إلى أن هناك دراسة صادرة عن دار الافتاء المصرية تفيد بأن نسبة 80% من الشباب المنضمين لـ"داعش" تم استقطابهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي.


وأضاف أن قوة اقتحام الجميع لما هو مجتمعي وسياسي عبر الإنترنت قد أدى إلى شكل جديد من العمل السياسي ينزع نحو خلق منظومة سياسية جديدة قوامها ديمقراطية التشارك التي توظف الافتراض الرقمي بلا حدود متجاوزة في أحيان كثيرة الأخلاق وقيم المجتمعات، مشيرًا إلى أن عدد المواقع الإليكترونية للجماعات المتطرفة عبر الإنترنت ارتفعت من 12 موقعًا عام 1997 إلى 150 ألف موقع عام 2015. وشدد على أن كل هذا الحراك الاجتماعي والسياسي "المشبوه" يتم عبر الانترنت باسم ديمقراطية الشبكات وديمقراطية التشارك في المعلومات والأفكار حتى وإن كانت هدامة ومدمرة للمجتمعات ذاتها.


وعرض إيهاب خليفة خلال الجلسة دراسة أعدها بعنوان "أثر التطورات التكنولوجية على مستقبل المجتمعات العربية"، أوضح فيها أن التطورات التكنولوجية ساهمت بشكل كبير في تغيير أنماط الحياة البشرية عبر التاريخ، سواء سياسيًا أو عسكريًا أو اقتصاديًا أو حتى مجتمعيًا، فغيرت من طرق التواصل بين الأفراد، وطورت أجيال مختلفة من الحروب، وشكلت قوة دافعة للاقتصاد، وأظهرت أنماط مختلفة من السلوكيات وأنواع جديدة من الثقافات.


وأشار إلى أن التطورات التكنولوجية أفرزت بفعل الانترنت مفاهيم جديدة شائعة بعضها عسكريًا مثل القوة الإليكترونية والصراع والردع الإليكتروني والحرب الإليكترونية، ومنها المفاهيم السياسية مثل الديمقراطية الرقمية والمواطنة الافتراضية والحكومة الذكية، والمفاهيم الاجتماعية مثل الجريمة الإليكترونية والتحرش والغش الإليكتروني والمظاهرات الافتراضية، ومنها أيضًا المفاهيم الاقتصادية مثل التجارة الإليكترونية والعملات الرقمية والأسواق الافتراضية.


وقال إن هناك عددًا من محركات القوى التكنولوجية تعمل على تصعيد مسار التغير الذي أحدثته التطورات التكنولوجية؛ يأتي على رأسها مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف المحمولة والطائرات بدون طيار والطابعات ثلاثية الأبعاد وإنترنت الأشياء والسيارات ذاتية الحركة وغيرها، مما يدفع إلى القول بأن هناك حالة من إعادة التشكيل للمجتمعات من جديد.


وتحت عنوان "مستقبل المعرفة في العالم العربي" جاءت الجلسة الثانية برئاسة الدكتور علي مسعود حسن، وتحدث فيها كلا من الدكتور محمد مسلم المجالي؛ الأمين العام المساعد بالمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا بالأردن، والدكتور ضياء الدين زاهر؛ أستاذ التخطيط التربوي والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس، والدكتور محمد سي بشير؛ الأستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة مولود معمري بالجزائر.


وقال الدكتور محمد المجالي إن الدول التي تمتلك ناصية المعرفة هي الأقدر على تحقيق الازدهار وتوفير الرفاهية لمواطنيها. حيث لا يمكن للتنمية ان تتحقق ما لم تصبح المعرفة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المجتمعية وأنظمة القيم التي تحكم سلطات صنع القرار. وأضاف أن سياسات الابتكار تحتل مكانة مركزية في تطوير الاقتصادات النامية والناشئة، حيث يضطلع تعزيز الابتكار بدور محوري في خطط التنمية واستراتيجياتها، ويؤدي دورًا أساسيًا في معالجة المشاكل الاجتماعية الملحّة كالتلوث وقضايا الصحة والفقر والبطالة.


وأكد أن واقع الإبداع والابتكار في الكثير من الدول العربية يحتاج إلى الاهتمام والتطوير، الأمر الذي يستدعي التفكير العميق في بناء استراتيجيات واضحة للتعامل مع هذا الواقع ورسم المسارات استنادًا إلى تحديد ما الذي نستطيع فعله وما هي أولوياتنا من أجل استغلال الأبعاد المتشابكة لهذا المجتمع بطريقة رشيدة وحكيمة تنعكس بالفائدة على الشعوب .


وأشار إلى أن الفجوة العلمية والإبداعية في البلدان العربية تتسع والوقت يسير بسرعة، والحاجة أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى لإيجاد حلول جذرية لمواجهة التحديات التي تواجه الإبداع والابتكار في الوطن العربي من خلال تطوير نظم التعليم العام واكتساب مهارات التفكير والإبداع وتنميتها عند الطلاب، والاهتمام بالنشر العلمي كمًا ونوعًا، وتسجيل براءات الاختراع، وتطوير برامج ومناهج الجامعات وأساليب التدريس التي تستهدف الكشف عن القدرات الإبداعية لدى الطلاب .


وبدوره أكد الدكتور ضياء الدين زاهر على أن النظر إلى المستقبل أصبح عاملاً أساسيًا في الفعل الاستراتيجي وصنع السياسات  خاصة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية؛ حيث زادت الحاجة إلى قرارات أساسية تقوم على معلومات تم جمعها بشكل منظم ومنتظم. وأن "توقعات مستقبل التكنولوجيا والعلوم" قد أثبتت هي الأخرى خلال العقود القليلة السابقة نفسها كوسيلة أساسية وكمصدر للذكاء الاستراتيجي.


ولفت إلى أنه لابد على المنطقة العربية وهي تتوجه للاستعانة بالعلم والتكنولوجيا كسلاح فعال في المواجهة ألا تتوقف مسئولياتها عند تجهيز المجتمع العربي للتعامل بثقة مع مشكلات الحاضر العلمية والتكنولوجية، وإنما يتجاوز ذلك إلى إعداد الكوادر العلمية والبحثية المؤهلة والمبدعة القادرة على الاعتماد على قواعد المعرفة العلمية والتكنولوجيا المتقدمة، ونقلها وتطبيقها.


ومن جانبه أكد الدكتور محمد سي بشير على أن العلوم السياسية بمقارباتها، ونظرياتها تحاول دراسة ظواهر الحياة السياسية لتضفي عليها طابعًا علميًا يُمكن الدارسين من متابعة نسق تحركات الظواهر، وعمليات التغيير التي تطالها مع جملة التعقيدات التي تتصف بها حركية الإنسان.


وأشار إلى أنه بالرغم من اجتهادات الباحثين، فهناك مجال جديد استعصى عليهم في إيجاد التوصيف العلمي له، ألا وهو الحراك العربي منذ بدء ما يسمى بالربيع العربي، وهو وصف أكثر منه مصطلح علمي، جاء مصاحبًا لروح الانتفاضة الذى انسحب على الفضاء العربي المتعطش للحرية، والديمقراطية، والتغيير.


وتناول في نهاية مداخلته التموجات المنهجية التي تصادف الباحث العربي عندما يدرس ظواهر سياسية بأدوات نمت وبرزت في بيئات مغايرة للبيئة العربية والتي بالتالي تولد مصلحات، ونظريات، ومقاربات بعيدة كل البعد عن تناول الحالات العربية والغوص في أغوارها للكشف عن مبهمات الأسئلة التي تطرحها، وإمكانية إنشاء مدرسة عربية تتمكن من توصيف التغيرات التي تحدث على مستوى المجتمعات العربية.


أما الجلسة الثالثة فقد جاءت بعنوان "المواطنة ومستقبل الأقليات في العالم العربي"، تحدث فيها كل من الدكتورة إكرام عدنني؛ نائب مدير المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية لشئون تنظيم الأنشطة الخارجية في المغرب، والسفير عزمي خليفة الذي قدم ورقة الدكتورة إسراء أحمد؛ باحثة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، والدكتور سامح فوزي؛ مدير مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية.


وأدار الجلسة الدكتور ماجد موريس، والذي أكد أن الأقليات في العالم العربي هي أقليات كبرى ومعروفة وأن كل منها لها قضاياها، مشيراً أن مفهوم المواطنة هو من أهم أعمدة الديموقراطية التي تقوم عليها الدول الحديثة.


ومن جانبها قالت إكرام عدنني نائب مدير المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية في المغرب؛ أن قضايا الأقليات هي قضايا مسكوت عنها وأنه من المهم احتواءها دستورياً وعملياً على أرض الواقع، خاصة بعد محاولة أيادٍ خارجية اللعب على إثارة مشكلة الأقليات والذي قد يستغل بشكل سلبي خاصة في حالات التغيرات التي قد تمر بها أي بلد.

وفي سياقٍ متصل قال السفير عزمي خليفة معقباً على رسالة دكتوراه لإسراء أحمد الباحثة بمركز المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء، إن المواطنة هي العمود الفقري للمجتمع وضمانة لتحقيق الديموقراطية في المجتمعات، لافتاً إلى أن الاهتمام بالتعليم وقيام الإعلام بدوره يؤثران على المواطنة في العالم العربي، هو الذي سيضع حلاً لمشكلات الأقليات".


وفي السياق نفسه أضاف الدكتور سامح فوزي؛ مدير مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية، أن مسألة الأقليات تتعلق بطبيعة الحكم في أي دولة، مبينًا أن الحديث حول هذا النوع من المشكلات لم يحلها بل ساهم في تعقيدها. وأشار إلى أن الحل يكمن في  كيفية إدارة الخلاف في ضوء سياسة رشيدة للدول ومشاركة المواطن في صنع القرار واستيعابه داخل الدولة.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled