اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

تقرير ..”جدة التاريخية” عُمق تاريخي وحضاري

تقرير .."جدة التاريخية" عُمق تاريخي وحضاري

 

جدة … يترقب زوار "جدة التاريخية" ، هذه الأيام إقامة مهرجانها الكرنفالي السنوي، الذي تنطلق فعالياته في الثالث والعشرين من ربيع الأول الحالي ، بصبغة ثقافية تربط الماضي العريق بالحاضر الزاهر ، من أجل ترسيخ الحفاظ على المقتنيات التاريخية لتعزيز مكانة المملكة كمصدر للثقافة والأدب والتاريخ العربي والإسلامي ، بعد أن انضمت تلك المنطقة التاريخية العام الماضي إلى قائمة التراث العالمي.

 

ويهدف المهرجان الذي يشتمل على العديد من الفعاليات والأنشطة التي تحاكي ما كانت عليه " جدة " خلال بدايات القرن الماضي ، إلى المحافظة على المرتكزات الأساسية ضمن قائمة التراث العالمي ، والمقتنيات الحضارية ، وتعريف الجيل الحالي على يوميات من كان الجيل السابق يعيش داخل أسوار المدينة ، بجانب دور جدة الحيوي والمهم كونها بوابة للحرمين الشريفين ومحطة عبرت من خلالها الثقافات ، لتتواكب مع مكانتها الاقتصادية والسياحية.

 

ويتوقع أن يزور مهرجان جدة التاريخية هذا العام ما يربوا على مليون زائر من أهالي جدة وسكان منطقة مكة المكرمة ، والقادمين من المناطق الأخرى لهذه المدينة الحالمة التي يتجاوز عمرها الزمني 1400 عام.

 

ويعود تاريخ " جدة " إلى عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان – رضي الله عنه – عندما اتخذها ميناءً لمكة المكرمة في عام 26 هجري الموافق 647 للميلاد ، حيث تضم "جدة التاريخية" عددًا من المعالم والمباني الأثرية والتراثية وتعتبر غنية بتلك المعالم مثل آثار سور جدة ، وعين يسر وحواريها التاريخية التي منها " حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر " ، كما يوجد بها مساجد تاريخية من أبرزها مسجد الخليفة عثمان بن عفان – رضي الله عنه -، ومسجد الشافعي ، إضافة إلى الأسواق التاريخية ، فيما بنى أهالي جدة بيوتهم من الحجر المنقبى من بحيرة الأربعين ، ثم يعدلونه بالآلات اليدوية ليوضع فـي مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء (خاصة من الهند).

 

 

وكان سكان جدة القديمة يستخدمون الطين الذي كانوا يجلبونه من بحر الطين ويستعملونه في تثبيت المنقبة ووضع بعضها إلى بعض، وتتلخص طريقة البناء فـي رص الأحجار فـي مداميك يفصل بينها قواطع من الخشب تسمى "تكاليل" لتوزيع الأحمال على الحوائط – كل متر تقريباً – ويشبه المبنى القديم إلى حد كبير المبنى الخرساني الحديث ، والأخشاب ، تمثل تقريباً الحوائط الخارجية للمنشأ الخرساني وذلك لتخفيف الأوزان باستعمال الخشب ، وبلغ ارتفاع بعض هذه المباني أكثر من 30 متراً، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية إلى عصرنا الحاضر بحالة جيدة بعد مرور عشرات السنين.

 

وأكد صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة على أن وجود "جدة التاريخية" ضمن التراث العالمي يحتاج من الجميع مسؤوليات مضاعفة ليس فقط للمحافظة عليه، وإنما لتعزيزه بالعديد من القيم التي تجعل من هذا الموقع التاريخي منطقة جذب للسائحين والمهتمين بالتراث والثقافة في المملكة وكل أنحاء العالم.

 

وعدّ سمو محافظ جدة النجاح الذي تحقق في مهرجان "جدة التاريخية" العام الماضي بأنه نتاج طبيعي ومباشر لجهود كبيرة بداية من دعم غير محدود من قائد المسيرة المباركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، وسمو ولي عهده الأمين ، وسمو ولي ولي العهد – أيدهم الله- وبعمل مخلص لم يتوقف لحظة من مُلاك وأهالي المنطقة التاريخية في منظومة متكاملة توجت بهذا الإنجاز الذي يعتز به كل مواطن على هذه الأرض الطيبة ، ما دعت الحاجة لإقامته كل عام بالتعاون مع جميع القطاعات.

 

وثمن سموه دور الأهالي والمُلاك في ترميم وإحياء بيوتات جدة ومساكنها القديمة ، والمداومة على صيانتها ، والإهتمام بها والحرص على أن تكون في أبها صورة ، بما يتكامل مع الجهود الحكومية في هذا الشأن ، إسهاماً في الإبقاء على هذا التراث الذي سيؤدي الى نقلة اجتماعية واقتصادية مع تقديم الخدمات التي تتوافق مع متطلبات العصر الحديث من دون المساس من قريب أو بعيد بسمات هذه الصورة الرائعة من التراث العالمي.

 

إلى ذلك أرجعت الكاتبة المهتمة بالمناطق التاريخية الدكتورة هند باغفار تاريخ وتراث "جدة التاريخية" الى ألآف السنين عن طريق الهجرات الجماعية ، فكان يفد الناس بمختلف أشكالهم وألوانهم يحملون معهم ثقافاتهم وعاداتهم المختلفة ، لافتة إلى أن "جدة التاريخية" تحمل في نمطها الاجتماعي أصول العادات الاجتماعية التي تعود لعصور مختلفة من العصر الأموي والعباسي والمالكي والفاطمي والأيوبي.

 

وفي ذات السياق أشار الأديب والكاتب عبد الوهاب أبو زنادة إلى أن الدراسات البحثية في علم الآثار عن "جدة التاريخية" تثبت وجود تاريخ ومدينة مدفونة تحت المدينة الأصلية في المنطقة التاريخية التي تعد هي الأخرى تاريخاً وأثراً يشار إليه ، لافتاً إلى أن الملاحظ عند زيارة شارع قابل والمرور بمسجد المعمار بالمنطقة التاريخية يشاهد أن الضلع الجنوبي لمسجد المعمار يبلغ ارتفاعه 4 أمتار ، بينما لو حضر الزائر من البوابة الشمالية للمسجد يجده على نفس امتداد الشارع المرتفع وهو ما يدل على انه مبني على تلة عظيمة ، تعرف بهضبة جدة الشمالية الكبرى والممتدة إلى الجامع العتيق داخل المدينة التاريخية ، ويرى المشاهد إنحدار زاوية مسجد عثمان بن عفان ، متوقعا أن تكون هذه التلة التي تبلغ مساحتها نحو كيلومترين تقريبا ، هي المدينة الأصلية التي دفنت وبنيت عليها المدينة الحالية ، وهي المنطقة المحددة الآن بحارة المظلوم ، والجزء الشمالي الشرقي من حارة الشام، منوهاً أن هناك دلائل أخرى في منطقه قلعة القشلة إذ أن القادم لتلك المنطقة من الناحية الشرقية الفاصلة بينه وبين مقبرة " أمنا حواء " يصعدها صعودا بعكس القادم من الجهة الأخرى التي يجدها محاذية للشارع.

ويُشير عمدة حي اليمن والبحر بجدة التاريخية عبدالصمد بن محمد عبدالصمد إلى أن ابن جبير، وابن بطوطة وصفا في رحلتيهما إلى جدة ، أنها مدينة تجارة ، فيما وصف الرحالة المسلم ناصر خسرو أن جدة عندما زارها عام1050 م بأنها مدينة كثيرة الخيرات مزدهرة بالتجارة باسقة العمران ، واصفاً أسواقها بالنظيفة والجيدة ، وأن عدد سكانها يقدر في ذلك الحين بحوالي 5000 نسمة.

 

من جانبه ثمن الإستشاري والخبير في ترميم المدن القديمة عبد العزيز دليم الغامدي انضمام "جدة التاريخية" لقائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو تتويجا للجهود الكبيرة لحماية وتطوير المنطقة من خلال شراكة مميزة وفاعلة بين عدد من الجهات الحكومية التي تتقدمها الهيئة العامة للسياحة والآثار ومحافظة جدة وأمانة محافظة جدة ، التي عملت على تنفيذ مشروع متكامل للمحافظة على " جدة التاريخية" وتطويرها وتهيئتها كموقع تراث وطني.

 

وأضاف أن جدة التاريخية حظيت بإهتمام الدولة منذ أن نزل بها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن- رحمه الله- في عام 1344هـ ، وتوالت الرعاية الكريمة من الدولة خلال عهد الملك سعود وعهد الملك فيصل- رحمهما الله- وتم تأسيس شبكات الخدمات بجميع أنواعها وإنشاء المرافق الحكومية وإصدار نظام الآثار عام 1392هـ الذي كفل الحفاظ على جدة التاريخية لاحقاً.

 

ودعا الغامدي إلى أهمية دراسة خطط تطويرية بعد دراسة المنطقة التاريخية وتحديد ما يمكن الإستفادة منها وإعادة ترميمه أو ما يمكن إزالته بعد تصويره كاملا وبناءه بما يحفظ أرواح الناس من الساكنين أو التجار أو الزائرين والسياح لأن هناك العديد من المباني التي من المتوقع أن تسقط جراء الأمطار القوية أو الحرئق لا قدر الله ومن ثم تفقد تلك المباني هويتها وعمقها التاريخي بسبب حالتها ووضعها ، ، داعيا إلى إنشاء هيئة استشاريه تضم مهندسين سعوديين وعالميين ، لوضع خطة تطوير يراعى فيها جميع المصالح المشتركة للدولة والمواطن ، وللحفاظ على هوية جدة التاريخية وقيمتها التراثية.

نقلا عن واس
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled